حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - أضيفت «إذ» إلى الجملة الاسمية

صفحة 237 - الجزء 1

  وشرحه: أن «أمِنَ» فعل ماض، فهو مفتوح الآخر، لا مكسوره على أنه حرف جر كما توهم شخص ادعى الأدب في زماننا وأصَرّ على ذلك، و «الازديار» أبلغ من الزيارة كما أن الاكتساب أبلغ من الكسب، لأن الافتعال للتصرف، والدال بدل عن التاء؛ و «في»: متعلقة به، لا بـ «أمن»، لأن المعنى أنهم أمنوا دائماً أن تزوري في الدجى؛ وإذ: إما تعليل أو ظرف مُبدل من محل في الدُّجى؛ و «ضياء»: مبتدأ خبره «حيث»، وابتدئ بالنكرة لتقدم خبرها عليها ظرفاً، ولأنها موصوفة في المعنى، لأن «من الظلام» صفة لها في الأصل، فلما قدمت عليها صارت حالاً منها؛ و «من» للبدل،


  هذا على التعليل وعلى الظرفية فالمعنى أمنوا من زيارتك في الظلام وهو وقت كون الضياء حاصلاً في كل موضع حصلت فيه.

  قوله: (أن أمن فعل ماض) أي: فالهمزة من بنية الكلمة وليست للاستفهام وفاعله الرقباء وازديارك مفعوله أو المعنى أمن الرقباء من زيارتك لأحبابك في الدجى. قوله: (على أنه حرف جر) أي والهمزة للاستفهام وكسرت نون من لالتقاء الساكنين وازديارك بالجر. قوله: (كما توهم شخص الخ) أي: وعليه فالمعنى أجعل الرقباء عليك من أجل زيارتك لأحبابك في الدجا أي الليل قوله: (كما أن الاكتساب أبلغ من الكسب) أي: ومن ثم جاء التنزيل: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}⁣[البقرة: ٢٨٦] أي للنفس ما حصل لها من الثواب بأي رجلة اتفق حصوله سواء كان بإصابة مجردة أو بتحصيل وسعي وعليها ما حصلته بسعي لا ما حصل من غير اختيار لها وسعي فنبه المولى على أن الثواب حاصل لها سواء كان باختيارها وسعيها أو لم يكن كذلك، وأما العقاب فلا يكون كذلك إلا بقصدها وتحصيلاً اهـ دماميني. قوله: (لأن الافتعال للتصرف) أي: موضوع للدلالة على التصرف أي على المبالغة في السعي ولا يخفى حسنة هنا؛ لأن المعنى هنا عليه أمنوا من زيارتها بحيث لا يمكنها ذلك ولو مع التحيل. قوله: (والدال) أي: من الإزديار بدل عن التاء أي والأصل ازتيارك فقلبت التاء دالاً لأن تاء الافتعال تقلب دالاً بعد الزاي. قوله: (إنهم أمنوا دائماً) أي: ولو تعلق بأمن لتقيد بذلك فلا يكون الأمن مطلقاً كما في التقدير الأول وهذا لا لأن التقييد به للتنبيه على أن أمنهم مع عدمه من باب أولى فيكون من قبيل مفهوم الموافقة. قوله: (أن تزوري) حله ابن الحاجب على إنه هو الزائر وكل صحيح أي أمن الرقباء من زيارتي لك في الدجى.

  قوله: (وإذا ما تعليل) أي: لقوله أمن أي أمن الرقباء من زيارتك لعشاقك في الدجا؛ لأن الضياء حاصل في كل موضع حصلت فيه بدلاً من الظلام. قوله: (أو ظرف) أي: والمعنى أمن الرقباء الزيارة وقت كونك ضياء في كل موضع حللت فيه قوله: (وابتدأ بالنكرة) أي: وهو ضياء. قوله: (لتقدم خبرها الخ) سيأتي أن المسوغ إنما هو كون الخبر ظرفاً مختصاً لا نفس التقدم قوله: (ومن) أي: في قوله من الظلام.