مسألة - قالت العرب
  الجمع بينهما، فجعل لذلك يوماً، فلما حضر سيبويه تَقَدَّم إليه الفَرَّاء وخلَفٌ، فسأله خلف عن مسألة فأجاب فيها، فقال له: أخطأت؛ ثم سأله ثانية وثالثة، وهو يجيبه، ويقول له: أخطأت، فقال له سيبويه: هذا سوء أدب، فأقبل عليه الفراء فقال له: إن في هذا الرجل حِدَّةً وعَجَلَة، ولكن ما تقول فيمن قال «هؤلاء أبون وَمَرَرْتُ بأبِينَ» كيف تقول على مثال ذلك من «وَأَيْتُ» أو «أوَيْتُ» فأجابه.
  فقال: أعِدِ النظر.
  فقال: لست أكلمكما حتى يحضر صاحبكما.
  فحضر الكسائي فقال له الكسائي: تسألني أو أسألك؟ فقال له سيبويه: سَلْ أنت، فسأله عن هذا المثال، فقال سيبويه: «فإذا هو هي»، ولا يجوز النصب؛ وسأله عن أمثال ذلك نحو: «خَرَجت فإذا عبد الله القائم، أو القائم»، فقال له: كل ذلك بالرفع.
  فقال الكسائي: العرب ترفع كل ذلك وتنصب.
  فقال يحيي: فقد اختلفتما، وأنتما رئيسا بلدَيْكما، فمن يحكم بينكما؟
  (على الجمع بينهما) أي: للمناظرة وقوله بينهما أي بين سيبويه والكسائي وقوله فجعل لذلك أي للجمع. قوله: (تقدم إليه الفراء وخلف) كلاهما تلميذ للكسائي.
  قوله: (فقال له اخطأت) أي: بسرعة وحدة أخذاً من كلام الفراء ومما يأتي. قوله: (فقال) أي: سيبويه هذا سوء أدب أي التخطئة. قوله: (فقال) أي: الفراء له أي لسيبويه وقوله: إن في هذا الرجل أي خلف وقوله: حدة أي شدة وعجلة أي سرعة. قوله: (أبون) جمع أب جمع تصحيح قوله: (وأيب) بمعنى وعدت وقوله أو أويت هو بمعنى انضممت. قوله: (فقال) أي: الفراء وقوله أعد النظر أي تأمل في جواك فإنه ليس بصحيح. قوله: (فقال) أي: سيبويه وقوله حتى يحضر صاحبكما أي شيخكما وهو الكسائي. قوله: (فقال) أي: الكسائي له أي لسيبويه. قوله: (فسأله عن هذا المثال) أي: وهو كنت أظن الخ وصورة السؤال هل يقال هل هو هي أو هو إياها. قوله: (بالرفع) أي: لأنه الوارد في القرآن.
  قوله: (ترفع كل ذلك وتنصبه) تبع المصنف في ذلك حكاية الزجاجي والذي حكاه الرضى تبعاً للأندلسي أن الكسائي قال له بل الواجب النصب في ذلك كله وهو ظاهر نظم حازم الآتي ولعل الصواب حكاية المصنف وإلا لرد سيبويه عليه بما في التنزيل من الرفع ولم ينقل أنه رد عليه فدل على أن الكسائي أجاز النصب والرفع معاً. قوله: (قوله بلديكما) أي: فالكسائي رئيس الكوفة وسيبويه رئيس البصرة.