أحدهما: أن تجيء للماضي كما تجيء «إذا» للمستقبل في قول بعضهم
  {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}[النجم: ١]، قيل: لأنها لو كانت للاستقبال لم تكن ظرفاً لفعل القسم، لأنه إنشاء لا إخبار عن قَسَم يأتي، لأن قَسَم الله سبحانه قديم، ولا لكون محذوف هو حال من والليل والنجم، لأن الحال والاستقبال مُتَنافيان. وإذا بطل هذان الوجهان تعين أنه ظرف لأحدهما على أن المراد به الحال. اهـ.
  والصحيح أنه لا يصحُ التعليقُ بـ «أُقْسِمُ» الإنشائي، لأن التقديم لا زمان له، لا حال ولا غيره، بل هو سابق على الزَّمان، وأنه لا يمتنع التَّعليق بـ «كائن» مع بقاء «إذا» على الاستقبال، بدليل صحة مجيء الحال المقدرة باتفاق كـ «مَرَرْتُ بِرَجُلٍ مَعَهُ صَقْرٌ صائِداً به غداً»، أي: مُقَدَّراً الصيد به غداً، كذا يُقدرون. وأوضح منه أن يقال: مُريداً به الصيد غداً، كما فسر «قمتم» في {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}[المائدة: ٦] بـ «أردتم».
  الله كما يأتي قوله: (قيل) أي: في توجيه كونها للحال في هاتين الآيتين. قوله: (لو كانت للاستقبال) أي: المفرور منه سابقاً. قوله: (لم تكن ظرفا) أي: لم يصح أن تكون الخ لأن المعنى أقسم وقت غشيان الليل قوله: (لأنه) أي: أقسم. قوله: (لأن الله قسم سبحانه وتعالى قديم) أي: وحينئذ فلا يصح الإخبار بأنه يأتي وحيث كان فلا يصح أن يكون المستقبل ظرفاً له قوله: (هو حال) أي: لأن المعنى حينئذ أقسم بالليل حال كونه كائناً وقت غشيانه وقوله: من الليل أي في الآية الأولى وقوله: والنجم أي في الآية الثانية. قوله: (لأن الحال) أي: التي جعلت إذا ظرفاً له.
  قوله: (والاستقبال) الذي هو مدلول لإذا. قوله: (متنافيان) أي: فلا يجعل أحدهما ظرفاً للآخر. قوله: (وإذا بطل هذان الوجهان) وهما كونها ظرفاً لفعل والقسم كونها ظرفاً للحال مع جعل إذا للاستقبال قوله (تعين أنه) أي: لفظ إذا قوله: (ظرف لأحدهما) هو إما فعل القسم أو الكون المحذوف الذي هو حال من الليل والنجم. قوله: (على أن المراد به) أي: بإذا الحال أي فلا تنافي حينئذ ولا مانع لأن الإنشاء حالي فلا ينافيه أن المراد بها الحال؛ ولأن الكون المحذوف حال بالعوض فلا يمتنع كونه مظروفاً لإذا المراد بها الحال. قوله: (والصحيح) تزييف لكلام ذلك القائل. قوله: (لا يمتنع التعليق بكائناً مع بقاء إذا على الاستقبال) لأنه لا مانع من وقوع الحال الصناعية أي النحوية مراداً بها الزمن المستقبل كما تقول سأدخل البلد راكباً، فإن الحال مقيدة لعاملها والعامل هنا مستقبل وقيده مقارن له في ذلك الزمن. قوله: (مع بقاء إذا على الاستقبال) أي: لأن المنافي للاستقبال الحال الزمانية لا النحوية والكلام في النحوية لا الزمانية. قوله: (أي مقدراً الخ) قد يقال هذا لا يفضي إلى مطلوبه لأن الحال على هذا التقدير في الحقيقة إنما هو قولك مقدراً وزمنه حالي لا استقبالي، وغداً ظرف للصيد لا التقدير. قوله: (وأوضح منه) أي: من هذا التقدير لأن ذلك واقع في كلام الله تعالى ووقع في كلامهم كثيراً. قوله: (أن يقال مريداً) أي: الآن. قوله: (بأردتم) أي: القيام.