حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدهما: أن تجيء للماضي كما تجيء «إذا» للمستقبل في قول بعضهم

صفحة 257 - الجزء 1

الفصل الثاني في خروجها عن الاستقبال

  وذلك على وجهين:

  أحدهما: أن تجيء للماضي كما تجيء «إذا» للمستقبل في قول بعضهم، وذلك كقوله تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا}⁣[التوبة: ٩٢]، {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}⁣[الجمعة: ١١]، وقوله [من الوافر]:

  ١٣٤ - وَنَدْمَانٍ يَزيدُ الكَأسَ طِيباً ... سَقَيْتُ إِذا تَغوِّرَتِ النُّجُومُ

  والثاني: أن تجيء ة للحال، وذلك بعد القسم، نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ١}⁣[الليل: ١]،


  قوله: (وذلك) أي: المذكور من خروج إذا. قوله: (في قول بعضهم) أي: فتتعاوض الكلمتان حيث استعملت كل منهما في معنى الأخرى. قوله: (وذلك) أي: مجيء إذا للماضي. قوله: (إذا ما أتوك الخ) هذا إخبار فقصة وقعت في الزمن الماضي فتكون إذا له وتولوا جوابها وقوله قلت إما حال من كاف أتوك أو استئناف والأصل إذا ما أتوك لتحملهم تولوا فقيل مالهم تولوا باكين فقيل قلت لا أجد ما أحملكم عليه إلا أن هذا الاستئناف توسط معترضاً بين الشرط والجزاء اهـ دماميني قوله: (وإذا رأوا تجارة الخ) هذا إخبار بقصة العير التي قدمت المدينة والنبي يخطب يوم الجمعة فتفرقوا حتى لم يبق منهم إلا اثنا عشر رجلاً وقد مضت هذه الواقعة قبل نزول هذه الآية فتكون إذا فيها للماضي.

  قوله: (وندما) المراد به النديم لا النادم والكأس مؤنثة مهموزة الإناء الذي يشرب فيه، وإذا كان خالياً منه يسمى قدحاً وتغورت بمعنى غابت أي سقيتها وقت غيابها ووقت غيابها قد مضى وهذا البيت ليس بقاطع على مجيء إذا للماضي لجواز أن سقيت بمعنى أسقي وهو دليل جواب إذا أي غربت النجوم سقيته. قوله: (بعد القسم) أي: القسم من


١٣٤ - التخريج: البيت للبرج بن مسهر (أو الجلاس) في (الأغاني ١٤/ ١٢؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٣٧٢؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٢٨٠؛ ولسان العرب ١٠/ ٢٤٣ (عرق)، ١٢/ ٥٧٢ (ندم)؛ والمؤتلف والمختلف ص ٦٢؛ وبلا نسبة في الصاحبي في فقه اللغة ص ١٤١، ٢٢٠).

اللغة والمعنى: الندمان: المشارك في الشراب. تفوّت غابت. يقول: كم من منادم سقيته وقت غياب النجوم، فازدادت الكأس طيباً.