مسألة - في ناصب «إذا» مذهبان
  الثاني: أنه ممتنع في قول زهير [من الطويل]:
  ١٣٥ - بَدَا لِي أَنِّي لَسْتُ مُدْرِكَ مَا مَضى ... ولا سَابِقاً شَيْئاً إِذَا كَانَ جَائيَا
  لأن الجواب محذوف، وتقديره إذا كان جائياً فلا أسبقه، ولا يصح أن يقال: لا أسبق شيئاً وقت مجيئه، لأن الشيء إنما يُسْبَقُ قبل مجيئه. وهذا لازم لهم أيضاً إن أجابوا بأنها غير شرطيَّة وأنها معمولة لما قبلها وهو سابق. وأما على القول الأول فهي
  الجر بالإضافة، وإذا كان المعمول داخلاً في جملة عاملة كانت جملة واحدة، وكان المعنى في قولك إذا جئتني أكرمتك إكرامك وقت مجيئك أي حاصل. قوله: (والمعمول) وهو إذا المضاف لجملة الشرط داخل الخ ويحتمل أن المراد بالمعمول جملة الشرط المضافة لإذا من جملة عاملة وهو إذا وقد جعلنا جملة عامل إذا هي جملة الجواب.
  قوله: (والثاني أنه) أي: عمل الجواب في إذا. قوله: (ولا سابقاً) بالنصب وفي رواية سابق مجرور يتوهم حرف جر وروي أيضاً بالإضافة لياء المتكلم ورفع شيء فلا شاهد فيه. قوله: (لأن الجواب) علة لقوله ممتنع. قوله: (لأن الجواب محذوف) أي: وإذا على كلامهم ظرف له فالمعنى له فلا سبقه وقت مجيئه والقاعدة أن نفي الشيء فرع ثبوته وسبق الشيء وقت مجيئه لا يعقل ثبوته حتى ينفي قوله: (إذا كان جائياً فلا أسبقه) لا حاجة إلى إدخال الفاء لتصير الجملة إسمية، أي فأنا لا أسبقه ولو قال إذا كان جائياً لا أسبقه لصح وكان الجواب فعلية قوله: (ولا يصح الخ) هذا بناء على أن المراد السبق في الزمن، وأما لو أريد بالسبق الفوات لصح لأن المعنى حينئذ لا يفوتني شيء وقت مجيئه إلا أدركته، وبهذا صح جعلها معمولة للجواب وكذا جعلها معمولة لما قبلها على أنها غير شرطية. قوله: (لأن الشيء إنما يسبق قبل مجيئه) أي: فإذا علمت أن زيداً يأتي غداً وقت الظهر فتسبقه وتأتي قبله ضحى قوله: (إن أجابوا) أي: عن البيت الذي ورد عليهم. قوله: (وهو سابق) أي: لأن المعنى ولست سابقاً شيئاً في وقت مجيئه. قوله: (وأما على القول الأول) وهو أن العامل فعل الشرط.
١٣٥ - التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في (ديوانه ص ٢٨٧؛ وتخليص الشواهد ص ٥١٢؛ وخزانة الأدب ٨/ ٤٩٢، ٥٥٢، ٩/ ١٠٠، ١٠٢، ١٠٤؛ والدرر ٦/ ١٦٣؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٢٨٢؛ وشرح المفصل ٢/ ٥٢، ٧/ ٥٦؛ والكتاب ١/ ١٦٥، ٣/ ٢٩، ٥١، ١٠٠، ٤/ ١٦٠؛ ولسان العرب ٦/ ٣٦٠ (نمش)؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٢٦٧، ٣/ ٣٥١؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٤١؛ ولصرفة الأنصاري في شرح أبيات سيبويه ٧٢/ ١؛ والكتاب ١/ ٣٠٦؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٥٤؛ والأشباه والنظائر ٢/ ٣٤٧؛ وجواهر الأدب ص ٥٢؛ وخزانة الأدب ١/ ١٢٠، ٤/ ١٣٥، ١٠/ ٢٩٣، ٣١٥؛ والخصائص ٢/ ٣٥٣، ٤٢٤؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤٣٢؛ وشرح المفصل ٨/ ٦٩؛ والكتاب ٢/ ١٥٥).
المعنى: عرفت بتجربتي في هذه الحياة أنني لن أحصل على شيء مضى وراح، ولن أحصل على شيء قبل أوانه.