الفصل الثاني في خروجها عن الاستقبال
  شرطية محذوفة الجواب وعامِلُها إما خبرُ «كان»، أو نفسُ «كان»، إن قلنا بدلالتها على الحَدَث.
  والثالث: أنه يلزمهم في نحو: «إذا جئتَني اليوم أكرمتك غداً» أن يعمل «أكرمتك» في ظرفَيْنِ متضادين، وذلك باطل عَقْلاً؛ إذ الحدث الواحد المعين لا يقع بتمامه في زمانين، وقصداً؛ إذ المراد وقوع الإكرام في الغد لا في اليوم.
  فإن قلت: فما ناصبُ «اليوم» على القول الأول؟ وكيف يعمل العامل الواحد في ظرفي زمان؟
  قلنا: لم يتضادا كما في الوجه السابق، وعمل العامل في ظرفي زمان يجوز إذا كان أحَدُهُمَا أَعَمَّ من الآخر نحو: «آتِيكَ يَوْمَ الجمعة سَحَرَ»؛ وليس بدلاً؛ لجواز
  قوله: (محذوفة الجواب) أي: وهو ما قدره أولاً. قوله: (أما خبر كان) أي: وهو جائياً والمعنى ولا سابق شيئاً إن كان جائياً في أي وقت لا أسبقه قوله: (إن قلنا بدلالتها على الحدث) أي: وهو مختار ابن مالك وجماعة، أما على القول بأنها لمجرد الزمان فليس ثم حدث ينصب الواقع فيه. قوله: (والثالث الخ) أجيب بأنه على تأويل يكن ذلك سبباً لإكرامك غداً ولا شك أن السبب الآن كما قالوا إن جئتني اليوم فقد جئتك أمس على معنى يكن ذلك جزاء لمجيء أمس.
  قوله: (متضادين) وهما غداً وزمن المجيء وهو اليوم. قوله: (إذ الحدث) أي: كالإكرام. قوله: (لا يقع بتمامه) نعم يقع بعضه في زمن وبعضه في زمن آخر وهو الفعل من قوله جئتني. قوله: (وقصداً) أي: بحسب قصد المتكلم أي أن المتكلم لا يقصده. قوله: (فإن قلت) أي: إذا كان الأمر كذلك وهو أن العامل لا يعمل في ظرفين متضادين. قوله: (وكيف يعمل الخ) أي: والحال إنه لا يعمل الخ. قوله: (في ظرف زمان) وهما إذا واليوم. قوله: (قلنا الخ) أي: قلنا الناصب هو الفعل المذكور، وإنما عمل في الظرفين المذكورين لأنهما لم يتضادا قوله: (كما في الوجه السابق) أي: الآتي على قول الجمهور. قوله: (كما في الوجه السابق) تشبيه في المنفي. قوله: (أعم من الآخر) الظاهر أنه أراد باليوم مطلق زمن منسوب للجمعة من ليل أو نهار فظهرت الأعمية ولا حاجة لما قاله الدماميني. قوله: (آتيك يوم الجمعة سحر) أي: آتيك في جزء من يوم الجمعة سحر وجزء يوم الجمعة أعم من سحر. قوله: (سحر) هو أخص من يوم الجمعة فلذا عمل فيهما العامل الواحد واعترض بأن يوم الجمعة مباين لسحر لأن اليوم مبدؤه من طلوع الشمس أو الفجر والسحر ما كان قبل الفجر فهما متباينان فلا يصح عمل العامل الواحد فيهما، وأجيب بأن السحر لما لاصق الفجر فكأنه جزء من اليوم فصح كون اليوم أعم.
  قوله: (وليس بدلاً الخ) جواب عما يقال إن سحر بدل والعامل في البدل غير العامل