· الباء المفردة
  وأقول: إن كلاً من الإلصاق والاستعلاء إنما يكون حقيقيًّا إذا كان مُفْضِياً إلى نفس المجرور كـ «أمسكت بزيد، وصعِدتُ عَلَى السَّطْحِ» فإن أفضى إلى ما يقرب منه فمجاز كـ «مررت بزيد» في تأويل الجماعة، وكقوله [من الطويل]:
  ١٤١ - [تُشَبُ لِمَقْرُورَيْنِ يصْطَلِيَانِهَا] ... وَبَاتَ عَلَى النَّارِ النَّدَى وَالْمُحَلَّقُ
  فإذا استوى التقديران في المجازية، فالأكثر استعمالاً أولى بالتخريج عليه، كـ «مررت بزيد ومررت عليه» وإن كان قد جاء كما في {لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ}[الصافات: ١٣٧]، {يَمُرُّونَ عَلَيْهَا}[يوسف: ١٠٥] [من الكامل]:
  ١٤٢ - وَلَقَدْ أَمُرُ عَلَى اللئِيمِ يَسُبُنِي ... [فَمَضَيْتُ ثُمَّتَ قَلْتُ: لَا يَعْنِينِي]
  أي: فمررت يتعدى بالباء وبعلى وذلك المثال من جملة ما عدى فيه بعلى. قوله: (مفضياً إلى نفس المجرور) أي: موصلاً معنى العامل قوله: (فإن أفضى) أي: وصل الحرف معنى العامل إلى ما يقرب منه أي من المجرور. قوله: (فمجاز) أي: في الملاصقة والاستعلاء. قوله: (كمررت بزيد) مثال للإلصاق المجازي قوله: (في تأويل الجماعة) أي: غير الأخفش. قوله: (وكقوله الخ) مثال للاستعلاء المجازي. قوله: (الندى) أي: الجود فاعل بات والمحلق بكسر اللام صاحب النار والمعنى بات الندى، والمحلق بمكان قريب من النار لا أنهما باتا على نفس النار. قوله: (فإذا استوى التقديران) أي: الإلصاق والاستعلاء. قوله: (ومررت) مبتدأ حذف خبره أي لا ينبغي الحمل عليه وقوله وإن كان
١٤١ - التخريج: البيت للأعشى في (ديوانه ص ٢٧٥؛ والأغاني ٩/ ١١١؛ وخزانة الأدب ٧/ ١٤٤، ١٥٥، ١٥٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٠٣؛ ولسان العرب ١٠/ ٦٤ (حلق)؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٩/ ١١٩؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤١٦).
اللغة: تشب النار: يزاد في اشتعالها وإضرامها المقرور: البردان يصطلي: يتدفأ بالنار. الندى: الكرم. المحلّق: لقب رجل يمدحه الأعشى.
المعنى: صار الكرم والكريم الذي لقبه (المحلق) قرب النار التي أضرمت لاثنين أصابهما البرد الشديد فجعلا يتدفان بها.
١٤٢ - التخريج: البيت لرجل من سلول في الدرر (١/ ٧٨؛ وشرح التصريح ٢/ ١١؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣١٠؛ والكتاب ٣/ ٢٤؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٥٨؛ ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات. ص ١٢٦؛ ولعميرة بن جابر الحنفي في حماسة البحتري ص ١٧١؛ وبلا نسبة في الأزهية. ٢٦٣؛ والأشباه والنظائر ٣/ ٩٠؛ والأضداد ص ١٣٢؛ وأمالي ابن الحاجب ص ٦٣١؛ وجواهر الأدب ص ٣٠٧؛ وخزانة الأدب ١/ ٣٥٧، ٣٥٨، ٣/ ٢٠١، ٤/ ٢٠٧، ٢٠٨، ٥/ ٢٣، ٥٠٣، ٧/ ١٩٧، ٩/ ١١٩، ٣٨٣؛ والخصائص ٢/ ٣٣٨، ٣/ ٣٣٠؛ والدرر ٦/ ١٥٤؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٢١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٤١؛ وشرح ابن عقيل ص ٤٧٥؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢١٩؛ ولسان العرب ١٢/ ٧٨١ (ثم) ١٥/ ٢٩٦ (منن)، وهمع الهوامع ١/ ٩، ٢/ ١٤٠).
شرح المفردات: اللئيم: الدنيء، الخسيس. يعنيني: يقصدني.