حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والرابع: السببية

صفحة 278 - الجزء 1

  والرابع: السببية، نحو: {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ}⁣[البقرة: ٥٤]، {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ}⁣[العنكبوت: ٤٠]، ومنه: «لقيت بزيد الأسد»، أي: بسبب لقائي إياه، وقوله [من الرجز]:

  ١٤٥ - قَدْ سُقِيَتْ آبالُهُمْ بالنَّارِ ... [والنَّارُ قَدْ تَشْفِي مِنَ الأُوارِ]

  أي: أنها بسبب ما وُسِمَتْ به من أسماء أصحابها يُخَلّى بينها وبين الماء.

  الخامس: المصاحبة، نحو: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ}⁣[هود: ٤٨]، أي: معه، {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ}⁣[المائدة: ٦١] الآية.

  وقد اختلف في الباء من قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}⁣[النصر: ٣] فقيل: للمصاحبة، و «الحمد» مضاف إلى المفعول، أي: فسبِّحْه حامداً له، أي: نزهه عما لا


  بمعنى مع قوله: (السببية) وهي الداخلة على السبب غير الآلة وابن مالك جعل السبب أعم من الآلة فاستغنى عن الاستعانة. قوله: (باتخاذكم العجل) أي: بسبب اتخاذكم. قوله: (فكل أخذنا بذنبه) أي: كل واحد أخذناه بسبب ذنبه قوله: (لقيت بزيد الأسد) يحتمل الظرفية والمعية وكلها مبالغة. قوله: (لقيت بزيد الأسد) الباء للتجريد بأن ينتزع من زيد الأسد لشجاعته. قوله: (أي بسبب لقائي إياه) أي: فقوله بزيد على حذف المصدر المضاف لزيد أي بلقاء زيد هو من إضافة المصدر لمفعوله والفاعل محذوف والمعنى لقيت الأسد وهو نفس زيد بسبب لقائي إياه. قوله: (قد سقيت آبالهم) جمع إبل وتمامه والنار قد تشفى من الأوار أي العطش. قوله: (يخلى بينها وبين الماء) أي: يقارنها أحد في سقيها. قوله: (قد سقيت آبالهم نار) أي: سقيت إبلهم فآبال جمع إبل أي سقيت إبلهم بالماء بسبب النار لأن كتابة أسماء أصحابها عليها بالنار يكون سبباً في عدم منعهم من الماء فيحصل لها السقي وهذا فيه غاية المدح حيث أن الغير إذ رأى أسماء أصحابها لا يمنعها، وقوله أي أنها بكسر الهمزة لأنه يفسر الجملة المذكورة يريد أن معنى البيت هو معنى قولك إنها الخ. قوله: (المصاحبة) ويقال لها الملابسة وباء الحال قوله: (المصاحبة) ولها علامتان إحداهما أن يحسن في موضعها مع، والثانية أن يغني عنها وعن مصحوبها الحال وقد أشار المصنف بالآية الأولى والثانية لكل من العلامتين، فالأولى تحل فيها مع والثانية الحال ويصح أن يكون الحال فيهما أي اهبط مسلماً عليك، وقد خرجوا كافرين قوله: (مضاف للمفعول)


١٤٥ - التخريج: الرجز بلا نسبة في (شرح شواهد المغني ١/ ٣٠٩، ٣١٦؛ ولسان العرب ٤/ ٣٥ (أور)، ٥/ ٢٤٣ (نور).

اللغة: آبال: جمع إبل وهو جمع لا واحد له. الأوار: شدة العطش.

المعنى: لقد وسمت إبلهم بعلامة كانت سبباً في سقايتهم، وعلى ذلك يكون النار شافياً لها من العطش. كان العرب يسمون حيواناتهم بعلامات معروفة تدلّ على أصحابها. فمن رأى العلامة عرف لمن تعود هذه الحيوانات، فإن كانت لسادة عاملوها خيراً إكراماً لأصحابها.