· (بجل) على وجهين
  وإما على شذوذ إنابة كلمةٍ عن أخرى، وهذا الأخير هو محمل الباب كله عند أكثر الكوفيين وبعض المتأخرين، ولا يجعلون ذلك شاذا، ومذهبهم أقل تعسفاً.
  ***
  · (بجل) على وجهين: حرف بمعنى «نعم»، واسم، وهي على وجهين: اسم فعل بمعنى: «يكفي»، واسمِ مُرَادِف لـ «حسب»، ويقال على الأول: «بَجَلْنِي» وهو نادر، وعلى الثاني: «بَجَلِي»، قال [من الطويل]:
  ١٦٥ - ألا إِنَّني أُشْرِبْتُ أسْوَدَ حَالِكاً ... أَلاَ بَجَلِي مِنْ ذَا الشَّرَابِ الأَبَجَلْ
  قوله: (وإما على شذوذ) أي: حيث لا يتأتى تأويل ولا تضمن.
  قوله: (وهذا الأخير) وهو جعل الكلمة نائبة عن أخرى لا بقيد الشذوذ بل بقيد عدمه، وقوله: أقل تعسفاً وهذا هو الأحسن وعلى كلامهم فلا استعارة في الحروف أصلاً ولا تضمين لأن عندهم الحروف له معان عديدة موضوعة له فاستعمامه في كل واحد حقيقة وقوله أقل تعسفاً المراد نفي التعسف من أصله وهذا ميل من المصنف لمذهب الكوفيين وجنوح عن مذهب البصريين.
  (بجل). قوله: (بجل) وهو مبتدأ وقوله على وجهين خبر أول وقوله حرف خبر ثانٍ لا بدلاً من مجرور على قوله: (بمعنى نعم) أي: يبجل مثل أجل ونعم لتصديق المخبر ولإعلام المتخبر ولو عد الطالب. قوله: (ويقال على الأول) أي: وهو كونها اسم فعل بمعنى يكفي قوله: (بجلني) أي: بسكون اللام وبنون الوقاية كقوله يكفيني. قوله: (وهو نادر) راجع لاستعمات الأول وهو كونها بمعنى يكفي لا للمعقول وهو بجلني لأن لحاق النون لها حيث كانت بمعنى يكفي واجب. قوله: (وعلى الثاني بجلي) أي: من غير نون الوقاية كما هو الأكثر، والحاصل أن بجل إن كانت حرفاً فلا تدخل عليها نون الوقاية ولا تتصل بها ياء المتكلم قولاً واحداً، وأما الإسمية فإن كانت اسم فعل بمعنى يكفي فالنون فيها واجبة، وإن كانت بمعنى حسب جاز فيها الأمران إلا أن ترك النون أعرف من إثباتها فتكون الياء متصلة بها مجرورة الموضع وإثبات النون حينئذ نادر. قوله: (ألا بجلي الخ)
١٦٥ - التخريج: البيت لطرفة بن العبد في (ديوانه. ٧٥؛ وجمهرة اللغة ص ١٢٧٥؛ والجني الداني ٤٢٠؛ وخزانة الأدب ٦/ ٢٤٧، ٢٥٠؛ وشرح شواهد المغني ٣٤٥؛ ولسان العرب ٣/ ٢٢٧ (سود)؛ والمقاصد النحوية ١/ ٣٨١؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٥٣؛ ونوادر أبي زيد ص ٨٣).
اللغة: الحالك: شديد الظلمة البجل: الحال الحسن؛ بجل الرجل بجلاً: حسنت حاله، أو فرح؛ بجلي: حسبي. الشراب: الخمرة.
المعنى: لقد قاسيت ما يكفي من مرّ العيش، أو شربت من هذه الخمور المعتقة ما يزيد، فكفاني شراباً، وحسبي ما قاسيت.