حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حرف جر لأربعة عشر معنى

صفحة 305 - الجزء 1

  قولهما، فيصبح «ما زيد قائماً بل قاعداً، وبل قاعد» ويختلف المعنى؛ ومنع الكوفيون أن يُعطَفَ بها بعد غير النفي وشبهه، قال هشام مُحَالٌ: «ضربت زيداً بل إياك» اهـ.

  ومَنْعُهم ذلك مع سعة روايتهم دليل على قلته.

  وتزاد قبلها «لا» لتوكيد الإضراب بعد الإيجاب، كقوله [من الخفيف]:

  ١٦٧ - وَجْهَكَ الْبَدْرُ، لا، بَلِ الشَّمْسُ لَوْ لَمْ ... يُقضَ للشَّمْسِ كَسْفَةٌ أَوْ أُقولُ


  (فيصح) الفاء عاطفة على محذوف أي وعلى قولهما يتأتى التفريع فيصح الخ اهـ دماميني قوله: (بل قاعداً) أي: بل ما زيد قاعداً فنقلت النفي لما بعدها وصار نفي القيام مسكوتاً عنه. قوله: (وبل قاعد) أي: بالرفع خبر لمبتدأ محذوف أي بل. هو قاعد فالقعود مثبت الضدد لما بعده، وإذا علمت أن قوله بل قاعد على معنى بل هو قاعد فقد دخلت على الجملة لا على مفرد فليست عاطفة بل حرف ابتداء، وإنما احتيج لتقديم المبتدأ لأن ما لا تعمل في الإيجاب. قوله: (بعد غير النفي) وهو الأمر والإيجاب وقوله وشبهه أي كالنهي قوله: (قال هشام) هو كوفي قوله: (محال ضربت) أي: باطل ذلك التركيب ومحال خبر مقدم وضربت الخ مبتدأ مؤخر قوله: (ومنعهم ذلك الخ) أي: إن كلام البصريين من قولهم إنه يعطف بها بعد الأمر والإيجاب حق لكن هو قليل بدليل منع الكوفيين له اهـ تقرير دردير قوله (وتزاد قبلها لا لتوكيد الإضراب الخ) ما ذكره المصنف من أن لا تزاد قبل لتوكيد الإضراب بعد إيجاب محل نظر بل هي لنفي الإيجاب فقد قال الرضى وإذا ضممت لا أولى بل بعد الإيجاب نحو قام زيد لا بل عمرو، واضرب زيداً لا عمراً فمعنى لا يرجع إلى ذلك الإيجاب والأمر المتقدم لا إلى ما بعد بل ففي قولك لا بل عمرو نفيت بلا القيام عن زيد وأثبته لعمرو، ولو لم تجيء بلا لكان قيام زيد في حكم المسكوت عنه يحتمل أن يثبت وأن لا يثبت، وكذا في اضرب زيداً لا بل عمراً أي لا تضرب زيداً بل اضرب عمراً ولولا لا المذكورة لاحتمل أن يكون أمراً بضرب زيد وأن لا يكون مع الأمر بضرب عمرو هذا كلامه وهو نص في أن لا الواقعة قبل بل فيما ذكر ليست زائدة بل أتى بها لتأسيس معنى لم يكن وجودها وهو خلاف ما في المتن، قلت: ووقع من المصنف في حرف اللام حيث ذكر شروط لا العاطفة أن قال فإذا قيل جاء زيد لا بل عمرو فالعاطف بل ولا رد لما قبلها وليست عاطفة وهذا يقتضي أن لا تكون لا زائدة فهو معارض لما هنا اهـ وأجاب الشمني بأن مراده بالتوكيد أنها غير عاطفة وغير نافية لما بعد بل فلا ينافي في أنها نافية لما قبلها. قوله (كسفة أو أفول) الكسفة بفتح


١٦٧ - التخريج البيت بلا نسبة في (الدرر ٦/ ١٣٥؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤٢٨؛ وشرح التصريح ٢/ ١٤٨؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣٦).

اللغة: يقضي: يقدّر. كسفة: المرّة من الكسوف، وهو ذهاب ضوء الشمس والقمر في حالات معروفة. الأقول: الغياب.

المعنى: قد أشبه وجهك بالشمس أو القمر، لو لم تكن الشمس والقمر يغيبان ويصيبهما الكسوف.