حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (بند) ويقال: مند، بالميم،

صفحة 310 - الجزء 1

  والثاني: أن تكون بمعنى «مِنْ أَجْلِ»، ومنه الحديث: «أنا أَفصحُ مَنْ نَطَقَ بِالصَّادِ بَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ وَاسْتُرْضِعْتُ في بَني سَعْد بن بَكْرٍ». وقال ابن مالك وغيره: إنها هنا بمعنى «غير»، على حد قوله [من الطويل]:

  ١٦٩ - وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ قُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتائِبِ

  وأنشد أبو عبيدة على مجيئها بمعنى «من أجل» قوله [من الرجز]:


  فهو لا يظهر، وإن أراد بمعنى على الاستدراكية رجع لتعقيب المدح بما يشبه الذم وعليه تظهر قوله تفسيرها بمعنى غير أعلى لوضوحه قوله: (أفصح من نطق بالضاد) أي: أفصح العرب لأن الضاد ليست في غير لسانهم قوله: (بيد أني من قريش) أي: من أجل اجتماع هذين الوصفين. قوله: (في بني سعد بن بكر) أي: وهاتان القبيلتان من الفصاحة بمكان. قوله: (إنها هنا) أي: في قوله عليه الصلاة والسلام بيد أني من قريش. قوله: (على حد قوله) أي: قول النابغة الذبياني قوله: (فلول) جمع فل وهو الكسر في حد السيف والقراع المضاربة والكتائب جمع كتيبة بمعنى الفرقة والجيش وهو بالتاء المثناة وهذا عند أهل البديع من تأكيد المدح بما يشبه الذم، ووجهه في الحديث أن الأصل في مطلق الاستثناء الاتصال فذكر أداته قبل ذكر ما بعدها يوهم إخراج شيء مما قبلها، فإذا وليها صفة مدح جاء التوكيد لما فيه من المدح والإشعار بأنه لم يجد صفة ذم يثبتها فاضطر إلى استثناء صفة مدح وتحويل الاستثناء إلى الانقطاع وكذا يقال في البيت اهـ تقرير دردير.

  وفي الدماميني إن تأكيد المدح بما يشبه الذم يوجه من جهتين إحداهما ما تقدم في الحديث والأخرى إنه كدعوى الشيء ببينة إذ معناه إثبات شيء من العيب للممدوحين على تقدير كون فلول السيوف من مضاربة الجيوش عيباً، فعلق نقيض المدعي وهو إثبات شيء من العيب بالمحال والمعلق بالمحال محال فعدم العيب متحقق فالبيت يفارق الحديث من هذه الجهة الأخيرة ويشاركه في الأولى ولذلك قال المصنف على حد قوله. قوله: (أبو عبيدة) وبالتصغير هاء التأنيث. قوله: (قوله) أي: مخاطباً لامرأة.


١٦٩ - التخريج: البيت للنابغة الذبياني في (ديوانه ص ٤٤؛ والأزهية ص ١٨٠؛ وإصلاح المنطق ص ٢٤؛ وخزانة الأدب ٣/ ٣٢٧، ٣٣١، ٣٣٤؛ والدرر ٣/ ١٧٣؛ وشرح شواهد المغني ٣٤٩؛ والكتاب ٢/ ٣٢٦؛ ومعاهد التنصيص ٣/ ١٠٧؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٣٢؛ وبلا نسبة في الصاحبي في فقه اللغة ص ٢٦٧؛ ولسان العرب ٨/ ٥٦٥ (قرع)، ١١/ ٥٣٠ (فلل)).

اللغة: الفلول: الكسور في حد السيف القراع: المضاربة. الكتائب: جمع كتيبة وهي الفرقة من الجيش.

المعنى: لن تجد عيباً لهؤلاء الرجال، لكن سيوفهم قد تكسر حدها وصارت بحاجة إلى شحذ، لكثرة ما قاتلوا بها جيوشاً إثر جيوش، وهذا مديح بما يشبه الذم.