التاء المفردة
  بسبب النداء، وإنه خطاب لاثنين لا لواحد؛ فهذا أجْدَرُ، وإنما جاز «وَا غُلامكِيه» لأن المندوب ليس بمخاطب في الحقيقة، ويأتي تمامُ القول في «أرأيتك» في حرف الكاف إن شاء الله تعالى.
  والتَّاء الساكنة في أواخر الأفعال حرفٌ وُضِعَ علامة للتأنيس كـ «قامت»، وزعم الجلولي أنها اسم، وهو خزق لإجماعهم، وعليه فيأتي في الظاهر بعدها أن يكون بدلاً، أو مبتدأ والجملة قبله خبر، ويردُّه أن البدل صالح للاستغناء به عن المبدل منه، وأن عود الضمير على ما هو بدل منه نحو «اللَّهُمَّ صَلِّ عليه الرؤوف الرحيم»
  قوله: (فهذا أجدر) أي: أولى بالمنع لأن الخطاب فيه وضعي لا طارئ، والمخاطب به واحد لا اثنان ولقائل أن يقول لا نسلم الأولوية بل هما متساويان في المنع؛ لأنه إنما امتنع في يا غلامك ويا غلامكما وإغلامكم لاستحالة خطاب المضاف والمضاف إليه خطابين لمخاطب واحد في كلام واحد فقد أجازوا مثله في أفعال القلوب نحو علمتا كما وعلمتك أي علمت نفسك. قوله: (وإنما جازوا غلامكيه) أي: مع أن فيه اجتماع خطابين لمخاطبين في كلام واحد أحد الخطابين بالنداء لغلام والثاني بالكاف لسيدته وهذا جواب عن سؤال لا يخفى تقريره. قوله (ليس بمخاطب في الحقيقة) أي: وإنما هو متفجع عليه. قوله: (علامة للتأنيث) أي: تأنيث المسند إليه. قوله: (الجلولي) نسبة إلى جلولاء بالمتسرية بفارس على غير قياس والقياس جلولائي. قوله: (خرق لإجماعهم) أي: وهو ممنوع صناعة لأن إجماع اللغويين معتد به فيها وقد اغتر الصلاح الصفدي من الأدباء في «شرحه» لامية العجم فقال أن التاء من قوله:
  أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلبة الفضل زانتني لدى العطل
  فاعل بالفعل المذكور ثم إن المصنف زاد على الجلولي في التعقب بقوله وعليه الخ. قوله: (الظاهر) أي: في الاسم الظاهر، وقوله بعدها أي حال كونه واقعاً بعدها. قوله: (والجملة قبله خبر) أي: وحينئذ فالجملة الفعلية محتملة لأن تكون ذات محل من الإعراب وهو الرفع إن جعلت خبر المبتدأ وأن تكون لا محل لها من الإعراب إذا جعل الظاهر بدلاً من الضمير قوله: (ويرده إن البدل الخ) فيه إن هذا منقوض بنحو أكلت الرغيف ثلثه إذ المبدل منه في هذه الصورة واجب لكونه مرجع الضمير فلا يستغنى عنه بالبدل وقد يقال إن عدم الاستغناء هنا أمر عارض لا بالنظر إلى المبدل منه من حيث كون مبدلاً منه فلا يرد. قوله: (ويرده الخ) قد يقال معنى صلاحيته للاستغناء به أنه لو نسب له الفعل لأفاد المراد وهذا لا ينافي أن استقامة اللفظ في الصناعة تتوقف على ذكره ألا ترى في نحو أكلت الرغيف ثلثه فإنه لو حذف لم يبق للضمير مرجع وهو ممنوع، وكذا لو حذفت التاء صار التركيب قام هند وهو ممنوع في الفصيح. قوله: (عن المبدل منه) كما في قولك قام زيد أخوك فأخوك وهو المبدل صالح؛ لأن يستغنى به عن المبدل منه وهو زيد وهنا لا