حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

التاء المفردة

صفحة 314 - الجزء 1

  والمحركة في أواخر الأفعال ضمير، نحو: «قُمتُ» و «قمت» و «قمتِ»؛ ووهم ابن خروف فقال في قولهم في النسب: «كُنتِي»: إن التاء هنا علامة كالواو في «أَكَلُوني البَرَاغِيثُ»، ولم يثبت في كلامهم أن هذه التاء تكون علامة.

  ومن غريب أمر الناء الاسميَّة أنها جرّدت عن الخطاب، والتزم فيها لفظ التذكير والإفراد في «أَرَأَيْتَكُما» و «أَرأيتَكُمْ» و «أرأيتَكَ» و «أرأيتَكِ»، و «أَرَأَيْتَكُنَّ»، إذ لو قالوا: «أَرأَيْتَماكُمَا» جَمَعُوا بين خطابَيْنِ، وإذا امتنعوا من اجتماعهما في «يا غلامكم» فلم يقولوه، كما قالوا: «يا غلامَنَا» و «يا غلامهم» - مع أن «الغلام» طار عليه الخطاب


  اسم لا اسم ولا حرف معنى وذهب ابن كيسان إلى أن الضمير التاء وحدها وهي التي في فعلت وفعلت ولكنها كثرت بأن فالتاء على هذا اسم لا حرف.

  قوله: (نحو قمت) فالتاء ضمير المتكلم المفرد مذكراً كان أو مؤنثاً وقمت للمخاطب المذكر وقمت للمخاطب المفرد المؤنث. قوله: (ووهم ابن خروف الخ) هذا جواب عما يقال كيف تقول إن المحركة في أواخر الأفعال تكون ضميراً مع إن ابن خروف قال إن التاء في كنتي حرف علامة على المنسوب إليه إشارة إلى أنه كنت لا كان مع أنها تاء محركة لاحقة لا آخر الفعل فأجاب بأن هذا وهم منه لأنه لم يثبت في كلامهم أي هذه التاء المحركة في أواخر الفعل تكون علامة، وحينئذ فلا معنى للقول بأنها علامة من غير ثبت اهـ، ثم إن ابن خروف إن أراد بهذا الفرار من شذوذ النسبة للفظ الجملة على ما هي عليه، فالشذوذ على رأيه لازم؛ لأن المركب تركيباً غير إضافي سواء كان إسنادياً كتأبط شراً أو مزجياً كبعلبك أو غيرهما نحو حيثما إنما ينسب إلى صدره ويحذف ما عداه، وكان القياس أن يقال في النسب إلى كنت كوني سواءً جعلت التاء اسماً كما يقوله الجماعة أو حرفاً كما يقوله هو اهـ. دماميني. قوله: (ووهم) بكسر الهاء بمعنى غلط لا بفتحها. قوله: (كنتي) يقال رجل كنتي أي منسوب لكنت لكونه يقول كنت كذا وكنت كذا. قوله: (كالواو في أكلوني البراغيث) أي: فإنها علامة على الجمعية. قوله: (ومن غريب الخ) أي: فقد خالفت في هذا الحكم وهو تجردها عن الخطاب الضمائر إذ لا بد في الضمير من الخطاب وقوله ومن غريب أمر التاء الإسمية أي وهي اللاحقة لآخر الفعل. قوله: (جردت عن الخطاب) أي: اكتفاء بالخطاب المفهوم من الكاف ويأتي في حرف الكاف إن التاء عن سيبويه فاعل، والكاف حرف خطاب وعكس الفراء وقيل غير ذلك.

  قوله: (والتزم فيها لفظ التذكير والإفراد) أي: وإن كان المخاطب باللفظ الذي هي فيه مؤنثاً أو غير مفرد بأن كانا مذكرين أو مؤنثين كالمثال الأول، أو كان المخاطب التي هي فيه جماعة الذكور كالمثال الثاني أو مفردة مؤنثة كالمثال الثالث أو جماعة النسوة كالرابع. قوله: (جمعوا بين خطابين) أي: لمخاطب واحد في كلام واحد. قوله: (مع إن الغلام) أي: في يا غلامكم وقوله بسبب النداء أي وليس ذلك فيه بحسب الوضع الأصلي.