حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الباب الأول في تفسير المفردات، وذكر أحكامها

صفحة 33 - الجزء 1

  ونقل ابنُ الخَبَّاز عن شيخه أنه للمتوسط، وأنَّ الذي للقريب «يا» وهذا خَرْقٌ لإجماعهم.

  والثاني: أن تكون للاستفهام، وحقيقتُه: طَلَبُ الفَهم، نحو: «أزيد قائم» وقد أجيز الوجهان في قراءة الحرميين: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ}⁣[الزمر: ٩] وكونُ الهمزة فيه للنداء هو قول الفراء، ويُبعده أنه ليس في التنزيل نداء بغير «يا» ويقربه سلامته من دَعْوَى المجاز، إذ لا يكون الاستفهام منه تعالى على حقيقته، ومن دعوى


  وقوله: مهلاً مفعول مطلق أي امهلي مهلاً، وقوله: بعض معمول لمهلاً على تضمينه تركاً أي: اتركي بعض هذا التدلل بالدال المهلة أي التغنج أي الإعراض مع نوع كبر وباقي هذا البيت:

  وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

  والإزماع العزم والصرم بفتح الصاد القطع ويقال بالضم أيضاً، والإجمال هو الإحسان والدليل على أن الهمزة لنداء القريب أن الكلام مسوق في المعاتبة وقوله طلب الفهم أي طلب المتكلم والسائل أن يفهم فخرج نحو افهم، فإنه وإن كان المراد به طلب فهم إلا أنه ليس كذلك فليس استفهاماً وبهذا سقط ما قاله بعضهم أن الاستفهام يكون لطلب فهم المتكلم أي السائل أو فهم غيره كالحاضر وجعل الاستفهامات الواردة في القرآن حقيقة. قوله: (ونقل ابن الخباز) هو شارح ألفية ابن معطي. قوله: (طلب الفهم) الظاهر أنه لا بد من تقييده بالأدوات المخصوصة وإلا لشمل فهمني فإن الظاهر أنه ليس استفهاماً اصطلاحاً بل لغة تأمل. قوله: (نحو أزيد الخ) أي: وذلك نحو أو أعني نحو فهو مرفوع أو منصوب. قوله: (وقد أجيز الوجهان) أي: كون الهمزة للنداء أو الاستفهام. قوله: (الحرميين) هما نافع المدني أو ابن كثير المكي أي وحمزة كذلك فالاقتصار على الحرميين قصور، وقوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ}⁣[الزمر: ٩] أي: بتخفيف من وقد استبعد ابن عطية النداء في هذه الآية؛ لأن المخاطب بما قبلها وما بعدها النبي فيبعد النداء حينئذ؛ لأنه لا يوافق ما قبله وما بعده فالنداء معنى أجنبي من الآية واستبعاده هذا مبني على وفهم من أن المنادى أي: فأنت كان وليس كذلك بل المنادى النبي # وحينئذ فلا بعد والمعنى يا من هو قانت الخ، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي}⁣[الأنعام: ٥٠] الخ، وقوله: قانت أي قائم بوظائف العبادات، وقوله: آناء الليل أي ساعاته. قوله: (وكون الهمزة فيه) أي في هذا الكلام قوله: (في قول الفراء) أي من الكوفيين. قوله: (ويبعده) من التبعيد أنسب من جعله من الأبعاد لمشاكلة ما يأتي في قوله ويقربه؛ لأنه من التقريب. قوله: (إنه ليس في التنزيل نداء بغير يا) أي: فادعاء أنه هنا بدون يا أتى على خلاف الأصل، فلا ينبغي تخريج القرآن عليه قوله (سلامته من دعوى المجاز) أي: اللازم على جعل الهمزة للاستفهام. قوله: (على حقيقته) أي: لأن طلب الفهم يقتضي سبق الجهل وهو محال فحينئذ يحمل ما ورد في القرآن على أنه إما للتقرير أو للتوبيخ أو للإنكار فهو استفهام