الثاني: أن تكون تنزيهية
  قالوا: والمعنى في الآية: جانَبَ يوسف المعصية لأجل الله، ولا يتأتى هذا التأويل في مثل: {حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا}[يوسف: ٣١] والصحيح أنها اسم مُرادِف للبراءة من كذا؛ بدليل قراءة بعضهم: {حَاشَ لِلَّهِ}، بالتنوين، كما يقال: «بَرَاءَةٌ للَّهِ مِنْ كَذَا»، وعلى هذا فقراءة ابن مسعود ¥ {حَاشَ لِلَّهِ} كـ «معاذ الله» ليس جازاً ومجروراً كما وهم ابن عطيّة، لأنها إنما تجر في الاستثناء، ولتنوينها في القراءة الأخرى، ولدخُولِها على اللام في قراءة السبعة، والجارّ لا يدخل على الجاز، وإنما تُرِكَ التنوين في قراءتهم لبناء «حاشا»، لشبهها بـ «حاشا» الحرفية. وزعم بعضُهم أنها
  اعترض بأن بعض الحروف كسوف ولعل قد يحذف منهما فيقال هو وسف وعل وأيضاً الدخول على الحرف لا ينفي الحرفية لاحتمال أن اللام حرف جر زائد أتى به لقصد العوض عن ألف حاش، وإن كان يجمع بينهما وعند الجمع لا يقصد التعويض فلا يسلم إن الدليلين ينفيان الحرفية. قوله: (والمعنى في الآية) أي: التي هي حاشا لله ما علمنا عليه من سوء قوله: (ولا يتأتى مثل هذا الخ) هذا اعتراض من المصنف عليهم بأنه لا يتأتى في قوله تعالى حاشا لله ما هذا بشراً وذلك إن النسوة لما لمن زليخا امرأة العزيز في عشقها ليوسف فقالت له أخرج عليهن فخرج فبمجرد إن رأينه قطعن أيديهن من شدة العشق وقلن حاش لله تعجباً من حسنه وليس المعنى جانب يوسف المعصية لأجل الله لأنه ليس مقام تنزيهه من معصية إذ ليس هناك معصية ينزه عنها اهـ تقرير دردير.
  قوله: (مرادف للبراءة) أي: براءة الله ثم براءة المقصود تنزيهه من الخلق والمعنى أنزه الله عن كونه لا يطهر يوسف من البشرية ثم تعجبوا منه، وكذا قوله قلن حاش لله ما علمنا أنزه الله عن كونه لا يطهر يوسف من المعصية قوله: (بالتنوين) أي: وهو إنما يكون في الأسماء. قوله: (وعلى هذا) أي: وإذا بنينا على هذا قوله: (كمعاذ الله) أي: فهو مضاف ومضاف إليه. قوله: (كمعاذ الله) خبر عن فقراءة أي فقراءة ابن مسعود كائنة كمعاذ الله في كونه مصدراً معمولاً لمحذوف أي أنزه تنزيه الله، وأعوذ معاذ الله وما بعد كل مجرور بإضافته له قوله: (لأنها إنما تجر في الاستثناء) أي: وليس هنا استثناء. قوله: (ولتنوينها في القراءة الأخرى) أي: والتنوين لا يدخل الحرف وقد يجاب من طرف ابن عطيه عن هذا وعما بعده بأن يقال حرفيتها عند عدم التنوين واللام ولا غرابة في كون الكلمة اسماً تارة وحرفاً أخرى ألا ترى نحو من وعن وعلى قوله: (لشبهها بحاشا الحرفية) أي: لفظاً وهو ظاهر ومعنى من حيث إن الاستثنائية لنفي الحكم السابق عن المستثني وهو مدخولها والتنزيهية تنفي ما يستثنى عن مدخولها، أما مجرد الشبه اللفظي فلا يوجب البناء ألا ترى إلى بمعنى النعمة اسماً وهي معربة مع مشابهتها إلى الحرفية لفظاً ولم تبن لفقد الشبه المعنوي. قوله: (إنها اسم فعل) أي: ودخول اللام في فاعله كدخولها على فاعل هيهات هيهات لما توعدون وعلى هذا فمعنى قوله حاشاً أي برئ الله من