الثاني: أن تكون تنزيهية
  [من البسيط]:
  ١٨٤ - ولا أرى فاعلاً في النَّاسِ يُشبهُهُ ... وَلا أَحَاشِي مِنَ الاقوام من أحدِ
  وتوهم المبردُ أن هذا مُضارع «حاشا» التي يُستثنى بها، وإنما تلك حرف أو فعل جامد لتضمنه معنى الحرف.
  الثاني: أن تكون تنزيهيَّة؛ نحو: {حَاشَ لِلَّهِ}[يوسف: ٣١] وهي عند المبرد وابن جني والكوفيين فعل. قالوا: لتصرفهم فيها بالحذف، ولإدخالهم إيَّاها على الحرف، وهذان الدليلان ينفيانِ الحرفية، ولا يُثبتانِ الفعلية.
  قوله: (إن هذه) أي: أحاشي الواقعة في البيت مضارع حاشى التي يستثنى بها أي وليس كذلك. قوله: (وإنما تلك) أي: الاستثنائية وهو علة لقوله وتوهم أي لأن الاستثنائية إما حرف إن جرت أو فعل جامد إن نصبت، وعلى كل حال لا أخذ يصح مضارع منها.
  قوله: (لتضمنه معنى الحرف) وهو إلا وهو علة لقوله جامد قوله: (تنزيهية) أي: لمجرد التنزيه فلا ينافي أن الاستثنائية فيها تنزيه قوله: (تنزيهية) أي: تذكر لتنزيه المولى ابتداء وتنزيه من يراد تنزيهه بعد ذلك وهي الداخلة على اسم الله مجروراً باللام أو غير مجرور بها، وذلك أنهم إذا أرادوا تنزيه شخص عن أمر وقدموا عليه تنزيه المولى جل وعلا فكأنهم يقولون تنزه المولى عن أن يوجد هذا الأمر في هذا الشخص وفيه من المبالغة ما لا يخفى وهذا على ما صححه المصنف من التنزيهية اسم أما على إنها فعل، فالقصد بها تنزيه من أراد المتكلم تنزيهه من الخلق لا من الله. قوله: (نحو حاشا لله) أي: ما علمنا عليه من سوء قوله: (فعل) أي: وفاعله ضمير يعود على من يقصد تنزيهه واللام للتعليل. قوله: (قالوا) أي: في الاستدلال على فعليتها. قوله: (لتصرفهم فيها بالحذف) أي: حذف الألف التي بعد الشين وقد تحذف التي بعد الحاء فيقال حشا والحذف لا يكون في الحروف. قوله: (لإدخالهم الخ) أي: والحرف لا يدخل على مثله. قوله: (وهذان الخ) هذا اعتراض من المصنف عليهم وحاصله أن الدليلين على تقرير تمامهما إنما ينفيان الحرفية ولا يثبتان الفعلية التي هي المدعي؛ لأن الاسم والفعل يحذف منهما ويدخلان على الحرف فكل من الدليلين أعم من المدعي لا مساوٍ له قوله: (ينفيان الحرفية)
١٨٤ - التخريج: البيت للنابغة الذبياني في (ديوانه. ص ٢٠؛ وأسرار العربية ص ٢٠٨ والجنى الداني ٥٥٩، ٥٦٣؛ وخزانة الأدب ٣/ ٤٠٣، ٤٠٥؛ والدرر ٣/ ١٨١؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٦٨؛ وشرح المفصل ٢/ ٨٥، ٨/ ٤٨؛ ولسان العرب ١٤/ ١٨١، ١٨٢ (حشا)؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٤٢٧؛ وشرح الأشموني ١/ ٢٤٠؛ وشرح المفصل ٨/ ٤٩؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٣٣).
المعنى: لا أعتقد أن أحداً من الناس يشبه النعمان بن المنذر في أفعاله الحميدة، ولا أستثني أحداً.