ينصبه في رأي بعضهم؛ ولم تقع اسماً لـ «أنّ»، خلافاً لابن مالك، ولا دليل في قوله [من الطويل]:

  ٢٠٠ - إِنَّ حَيْثُ اسْتَقَرَّ مَنْ أَنْتَ رَاعِيهِ ... حِمَى فِيهِ عِزْةٌ وَأَمَانُ

  لجواز تقدير «حيث» خبراً، و «حمى» اسماً؛ فإن قيل: يؤدي إلى جعل المكان حالاً في المكان، قلنا: هو نظير قولك: «إِنَّ فِي مَكَّةَ دَارَ زَيْدِ»، ونظيره في الزمان: «إن في يوم الجمعة ساعة الإجابة».

  وتلزم «حيث» الإضافة إلى جملة، اسميَّةً كانت أو فعليّة، وإضافتها إلى الفعلية

  كأنه قال وتنصب بيعلم لا بأعلم نفسه وفي نسخة لا أعلم نفسه بالرفع عطف على يعلم أي وناصبها يعلم لا ناصبها أعلم نفسه. قوله: (لا ينصب المفعول به) أي: لأنه ضعيف لا يرفع الفاعل الظاهر إلا في مسألة الكحل، فمن باب أولى المفعول. قوله: (لا ينصب المفعول به) أي: مع بقائه في معنى التفضيل باتفاق لضعف مشابهته للفعل بدلالته على الأشدية فإن وجد ما يوهم ذلك قدر ناصب المفعول الواقع بعده محذوفاً كما فعل المصنف كقوله تعالى الله أعلم من يضل عن سبيله أي أعلم من كل أحد يعلم من يضل عن سبيله وكذا قول الشاعر:

  واضرب منا بالسيوف القوانسا

  أي: تضرب القوانس أي بيضات الحديد جمع قونس. قوله: (فإن أولته الخ) أي أن بعضهم كابن مالك قال إن أفعل التفضيل إذا أول باسم الفاعل وجعل ليس على بأنه عمل عمل اسم الفاعل. قوله: (ولم تقع) أي: حيث اسماً لأن قوله: (خلافاً لابن مالك) القائل إنها تقع اسماً استدلالاً بقوله إن حيث الخ فحيث اسمها وحمى خبر أي إن مكان استقرار من أنت راعيه مكان حماية الذي فيه عزة وأمان كائن في مكان استقرار من أنت راعيه. قوله: (إن حيث الخ) حيث اسمها على كلام ابن مالك وحمي خبرها والمعنى أن المكان استقر فيه من أنت راعيه مكان حمى الخ فليس فيه ظرفية المكان في المكان بخلافه على كلام المصنف. قوله: (عزة) بالعين المهملة. قوله: (يؤدي) أي: هذا الإعراب يؤدي إلى جعل المكان حالاً الخ وذلك لأن المعنى أن الحمى أي موضع الجماعة الذي فيه عزة وأمان كائن في مكان استقرار من أنت راعيه اهـ تقرير دردير قوله: (هو نظير قولك الخ) أي: من جهة أن الأصغر منزرع في الأكبر والكل ظرف للجزء. قوله: (هو نظير قولك الخ) أي: فهو من ظرفية الخاص في العام لو كان ذلك العام اعتباراً كما هنا لأن مكان من هو راعيه ليس أعم من المكان الذي يحميه بحسب المفهوم قوله: (وتلزم حيث الإضافة)

٢٠٠ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الدرر ٣/ ١٢٩؛ وهمع الهوامع ١/ ٢١٢).

اللغة: راعيه حاميه وحافظه من الشر. الحمى: كلّ ما يدافع عنه الرجل فهو حمّى له.

المعنى: من تحميه وتحفظه يغدو منيعاً محميا، حيث استقر، وأنى حلّ، فهو آمن عزيز.