حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (رب) حرف جر،

صفحة 367 - الجزء 1

  الحديث: «يا رُبَّ كاسِيَةِ في الدُّنْيَا عَارِيةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وسُمِعَ أَعرابي يقول بعد انقضاء رمضان: «يا رُبَّ صائِمِهِ لَنْ يَصُومَهُ، وَيا رُبَّ قَائِمِهِ لَنْ يَقومَهُ»، وهو مما تمسك به الكسائي على إعمال اسم الفاعل المجرّد بمعنى الماضي، وقال الشاعر [من الطويل]:

  ٢٠٦ - فَيَا رُبِّ يَوْمٍ قَدْ لَهَوْتُ وَلَيْلَةٍ ... بِآنِسَةٍ كَأَنَّها خَطْ تَمْثَالِ

  وقال آخر [من المديد]:

  ٢٠٧ - رُبَّمَا أَوْفَيْتُ فِي عَلَمٍ ... تَرْفَعَن توبي شمالات


  قوله: (يا رب) يا حرف تنبيه وكاسية أي ذات كاسية أي مكسوة. قوله: (يا رب صائمه) يا حرف تنبيه أي إن كثيراً ممن صام هذا الشهر لا يصوم مثله بعد وكثيراً ممن قامه لا يقوم له مثله بعد لاحترام المنية له فاجتهدوا في صيام مثله وقيام مثله إن أدركتموه فغرضه تعلق بالتكثير لا بالتقليل. قوله: (لن يصومه) خبر عن صائمه وكذا لن يقومه خبر عن قائمه. قوله: (وهو مما تمسك الخ) وجهه أن صائم هذا إنما هو ماض بدليل قول العربي له بعد رمضان، وقد عمل في الضمير النصب وهو مجرد، فإن قلت لا نسلم إنه عامل في الضمير بل هو مضاف له وأجيب بأنه لو كان مضافاً له للزم عمل رب في معرفة وهو لا يصح فتعين عمله فيه، وإنما لزم عمل رب في معرفة إن قلنا بإضافة الوصف للضمير لأن صائم بمعنى الماضي كما علمت فلو كان مضافاً لكانت إضافته محضة إذ هو حينئذ صفة مضافة إلى غير معمولها فتفيد التعريف ومعلوم امتناع كون مدخول رب معرفة. قوله: (وهو مما تمسك به الكسائي) أي: والجمهور يجعلونه من باب حكاية الحال. قوله: (قد لهوت) اللهو اللعب ويطلق على الجماع وقوله بآنسة بالمد أي بامرأة آنسة أي تأنس بالناس ولا تنفر منهم، وقوله كأنها أي لجمالها خط تمثال قوله: (بآنسة) أي: بامرأة آنسة أي غير نافرة وقوله خط تمثال أي كأنها صورة تمثال من ذهب قوله: (بآنسة) ليس متعلقاً بلهوت الملفوظ به للزوم الفصل بالأجنبي وهو المعطوف، وإنما هو متعلق بمحذوف أي لهوت فيها بآنسة وهذه الجملة صفة لليلة وحذف الرابط للصفة الأول ومتعلق اللهو أي رب يوم لهوت فيه بآنسة ورب ليلة لهوت فيها بآنسة اهـ دماميني. قوله: (ربما أوفيت) أي: ارتفعت وصعدت على الجبل أرقب الأعداء ولا أتكل في ذلك على غيري. قوله: (في علم) أي: على علم أي جبل اهـ. قوله: (شمالات) أي: رياح وهذا مراده به


٢٠٦ - التخريج البيت لامرئ القيس في ديوانه ص ٢٩؛ وخزانة الأدب ١/ ٦٤؛ والدرر ٤/ ١١٨؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢١٦؛ وشرح شواهد المغني، ١/ ٣٤١، ٣٩٣؛ وبلا نسبة في شرح التصريح ٢/ ١٨؛ والمقرب ١/ ١٩٩.

اللغة: لهوت: غازلت الآنسة: التي لا تنفر من الأنس. الخط: النقش.

المعنى: تبادلت الغزل ذات يوم وليلة مع حلوة أنيسة جميلة التقاسيم كأنها تمثال منقوش على مقاييس الجمال.

٢٠٧ - التخريج: البيت لجذيمة الأبرش في الأزهية ص ٩٤، ٢٦٥؛ والأغاني ١٥/ ٢٥٧؛ =