حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· السين المفردة

صفحة 378 - الجزء 1

  ثم لو سُلّم فالاستمرار إنما استفيد من المضارع، كما تقول: «فُلانٌ يَقْري الضيف ويَصْنَع الجميل» تريد أن ذلك دأبه، والسين مفيدة للاستقبال، إذ الاستمرار إنما يكون في المستقبل. وزعم الزمخشري أنها إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه أفادت أنه واقع لا محالة؛ ولم أرَ من فهم وَجْه ذلك، ووجهه أنها تفيد الوَعْدَ بحصول الفعل، فدخولها على ما يفيد الوَعْدَ أو الوعيد مقتض لتوكيده وتثبيت معناه. وقد أَوْمَاً إلى ذلك في سورة البقرة فقال في: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ}⁣[البقرة: ١٣٧]: ومعنى السين أن


  قوله: (ثم) للاستئناف داخلة على محذوف أي ثم أقول ولو سلم أن القصد الاعتذار بالاستمرار في آية سيقول السفهاء وإنها نزلت بعدي قولهم ما ولاهم فالاستمرار الخ. قوله: (وإنما أستفيد من المضارع) أي: لا من السين. قوله: (فلان يقري الضيف) أي: يحن إليه من قرى نحو رمى يرمي. قوله: (إن ذلك دأبه) أي: عادته وشأنه المستمرة فقد استفيد الاستمرار مع فقد السين قهو صريح في المفيد للاستمرار هو الفعل. قوله: (والسين مفيدة للاستقبال) أي: والسين إذا دخلت عليه تكون مفيدة للاستقبال أي فحينئذ يكون المعنى إن إكرامه مستمر متجدد شيئاً فشيئاً في المستقبل. قوله: (إذ الاستمرار) علة لمحذوف أي وإنما أتى بالسين في الآية مع كون الاستمرار من الفعل؛ لأن الاستمرار إنما يكون في المستقبل المستفاد من السين فصح الإتيان بالسين وحينئذ فيكون المراد من سيقول السفهاء الإعلام باستمرار قولهم في الزمن المستقبل. قوله: (إنما يكون المستقبل) أي: لأن الاستمرار هو البقاء وهو وجود الشيء في الأزمنة الآتية. قوله: (محبوب) أي: كما في قولك سأكرمك وقوله أو مكروه كما في سأنتقم منك. قوله: (إنه واقع لا محالة) أي: فهي حينئذ للتوكيد لأن الفعل يدل على الحصول في المستقبل وكذلك السين. قوله: (ووجه) أي وجه فائدة السين إنه واقع لا محالة الذي هو التأكيد.

  قوله: (إنها) أي: السين تفيد الوعد الخ أي إن الفعل يفيد الوعد والسين كذلك فقد تكرر الوعد أي الإخبار بوقوع شيء في المستقبل الشامل للوعد والوعيد فالسين للتأكيد، فقوله إنها تفيد الوعد أي الإخبار بوقوع الفعل في المستقبل الشامل للوعد والوعيد فصح التفريع بقوله: فدخولها على ما يفيد الوعد أي على فعل يفيد الوعد مقتض لتوكيده أي من حيث تكرر الإخبار هكذا فهم المتن والمنقول عن الزمخشري غير ذلك وهو إن السين في مقابلة لن فكما إن لن تفيد تأكيد النفي وتأبيده عنده كذلك السين تفيد تأكيده الإثبات. قوله: (الوعد) أي: الإخبار بمجرد وقوع الصادق بالوعد والوعيد. قوله: (مقتض لتوكيده) أي: لأن كلا من الفعل والسين مفيد للإخبار بمجرد وقوع الفعل المحبوب أو المكروه. قوله: (وتثبيت معناه) أي: لأنه أخبار على أخبار والمتعلق واحد. قوله: (وقد أوما) أي: أشار إشارة خفية. قوله: (إلى ذلك) أي: إلى ما ذكره من الدعوى وهي قوله إذا دخلت على فعل محبوب الخ، وإنما كانت الإشارة لعدم ذكره وجه الدعوى.