حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (على) على وجهين

صفحة 400 - الجزء 1

  يتخرج إما على التعلق بمحذوف كما قيل في اللام في «سَقْياً لك»، وإما على حذفِ مضافٍ، أي: هَوْن عَلَى نَفْسِكَ، واضمم إلى نفسك، وقد خرج ابن مالك على هذا قوله [من البسيط]:

  ٢٣٣ - وَمَا أَصَاحِبُ مِنْ قَوْمٍ فَأَذْكُرُهُمْ ... إلاَّ يَزِيدُهُم حبا إِليَّ هُمُ

  فادَّعَى أن الأصل: يزيدون أنفسهم، ثم صار: يزيدونهم، ثم فصل ضمير الفاعل للضرورة وأُخْرَ عن ضمير المفعول، وحامله على ذلك ظنّه أن الضميرين لمسمى واحد، وليس كذلك، فإن مراده أنه ما يُصاحبُ قوماً فيذكر قومه لهم إلا ويزيد هؤلاء


  قوله: (وهذا كله الخ) أي فالتعدي المذكور محذوف ولكن لا يلزم هذا إلا لو كانت عليك متعلقة بالفعل ونحن نقول إنها متعلقة بمحذوف أي: أريد إليك أو عليك أو أن على جار المحذوف لا للكاف والأصل على نفسك، وهذا معنى قوله: وهذا كله يتخرج. قوله: (كما قيل في اللام) أي انها لا تتعلق بالمصدر بل بمحذوف قوله: (سقيا لك) أي: سقيا إرادتي أو أريد لك. قوله: (أي هون على نفسك) أي: فلم يتعدى فعل المضمر المتصل على هذا التقدير إلا إلى الظاهر، ولا محذور فيه. قوله (على هذا) أي: التأويل الثاني. قوله: (فاذكرهم) بالنصب والرفع. قوله: (فادعى الخ) أي: أنه فهم أن الأولى مفعول والثانية فاعل، فورد عليه أن الفعل هنا قد عمل في فاعل ومفعول كلاهما ضمير متصل وهما لمسمى واحد وهو قومه وهو ممنوع لما يلزم عليه. من اتحاد الفاعل والمفعول، أي: اتحاد المؤثر والمؤثر فيه، فأجاب بأن الأصل يزيدون أنفسهم فالمفعول اسم ظاهر، وهو أنفس فالواو فاعل وأنفسهم مفعول، ثم حذف المفعول فصار يزيدونهم، ثم فصل الواو وأخر وحذف النون؛ لأنه لم يكن الأفعال الخمسة بعد تأخر الواو الفاعلة فيه. قوله: أن (الضميرين) أي: المنصوب والمرفوع.

  قوله: (لمسمى واحد) أي: وهم القوم الذين صاحبهم قوله: (وليس كذلك) أي: بل بل هما المسميين مغايرين قوله: (فإن مراده أنه ما يصاحب الخ) أي: الضمير الفاعل عائد على القوم المذكور عندهم والضمير المفعول عائد على قومه فاختلف مسمى الضمير فيكون الأصل يزيدونهم والواو عبارة عن القوم المصاحبين والهاء عبارة عن قومه،


٢٣٣ - التخريج: البيت لزياد بن منقذ في (خزانة الأدب ٥/ ٢٥٠، ٢٥٥؛ وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٢٧١؛ وشرح التصريح ١/ ١٠٤؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٣٩٢؛ وشرح شواهد المغني ١/ ١٣٥، ١٣٧، ٤٢٨؛ وشرح المفصل ٧/ ٢٦؛ والشعر والشعراء ٢/ ٧٠١؛ ومعجم الشعراء ص ٩؛ والمقاصد النحوية ١/ ٢٥٦؛ ولبدر بن سعيد أخي زياد (أو المرار) في الأغاني ١٠/ ٣٣٠؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٨٣؛ وشرح الأشموني ١/ ٥١).

المعنى: يقول: ما إن تعرّف إلى قوم في أسفاره وعاشرهم حتى ازداد لقومه حباً، وتفضيلاً لهم على سواهم لمكارم أخلاقهم.