حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (على) على وجهين

صفحة 401 - الجزء 1

  القوم قومه حبّاً إليه؛ لما يسمعه من ثنائهم عليهم؛ والقصيدة في حماسة أبي تمام، ولا يحسن تخريج ذلك على ظاهره، كما قيل في قوله [من البسيط]:

  ٢٣٤ - قَدْ بِتْ أَحْرُسُنِي وَحْدِي، وَيَمْنَعُنِي ... صَوْتُ السِّبَاعِ بِهِ يَضْبَحْنَ وَالْهَامِ

  لأن ذلك شعر؛ فقد يستسهل فيه مثل هذا ولا على قول ابن الأنباري إن «إلى» قد تَرِدُ، اسماً فيقال: «انْصَرَفْتُ مِنْ إليك» كما يقال «غَدَوْتُ من عليك» لأنه إن كان ثابتاً ففي غاية الشذوذ، ولا على قول ابن عصفور إن إليك في: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ}⁣[البقرة: ٤٨، ١٢٣] إغراء، والمعنى خُذْ جَنَاحك، أي: عصاك؛ لأن «إلى» لا تكون


  فالضمير المنفصل المتأخر هو الفاعل وأما الأول فمفعول ولا يصح العكس؛ لأن هم الأول ضمير متصل بحسب الأصل. قوله: (إلا ويزيد هؤلاء القوم) أي: الذين صاحبهم. قوله: (في حماسة أبي تمام) هو ديوان جمع فيه الأشعار المتعلقة بالحماسة أي: الشجاعة. قوله: (ولا يحسن تخريج ذلك) أي: الذي تلوناه من الآيات من قوله واضمم إليك وهزي إليك، وامسك عليك، وأما البيت السابق، وهو قوله هون عليك فيصح الحمل فيه على ظاهره كما قيل في هذا البيت كما أنه يصح فيه التأويلان السابقان، والحاصل أن الشعر يجوز بقاؤه على ظاهره ويجوز فيه التأويلان بخلاف الآيات. قوله: (على ظاهره) أي: من غير أن يكون هناك تأويل. قوله: (كما قيل في قوله الخ) أي: أنه قيل أن أحرسني فعل رافع للضمير المتصل، أي: أنا وتعدى إلى الضمير المتصل وليس من باب ظن وفقد، وعدم فقالوا: هذا البيت محمول على ظاهره من غير تقدير فيه؛ لأنه شعر بخلاف الآيات السابقة فإنها نثر فلا يستسهل فيها قوله: (يضبحن) بالباء بعد الضاد المعجمة. قوله: (مثل هذا) أي: فقيل تعدى الفعل المتصل لضميره المتصل. قوله: (ولا على الخ) أي: أن الآيات السابقة التي فيها إلى لا تخرج على ما قاله ابن الأنباري في إلى من أنها اسم أي: أن الآيات التي فيها إلى بدون من تقاس على ما قاله في إلى المقرونة بمن واعترض على المصنف بأنه لا يتوهم صحة القياس أصلاً؛ لأنه لا جامع بين المقرون بمن وغير المقرون بها وحينئذ فلا يحتاج للنص على نفيه فقوله ولا على الخ، أي: ولا يتخرج ما سبق من الآيات التي فيها إلى على ما قال الخ، اهـ تقرير شيخنا دردير.

  قوله: (ففي غاية الشذوذ) أي: فكيف يخرج فصح الكلام عليه. قوله: (إغراء) أي بمعنى خذ. قوله: (لا تكون بمعنى خذ) أي: وإنما تكون بمعنى تنح في قولك إليك


٢٣٤ - التخريج: البيت للنمر بن تولب في (ديوانه ص ٣٨٨؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٢٩).

اللغة: أحرسني: أحرس نفسي وأنتبه لها السباع: جمع سبع وهو من أسماء الأسد. يضج: يصوّت إذا عدا. الهام: طير البوم، أو طير يصيح عند قبر الميت الذي لم يؤخذ بثأره.

المعنى: نمت ليلتي وحيداً، أحرس نفسي بنفسي، وقد منعتني أصوات الأسود وطيور الليل من الرقاد ملء العين.