حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها: أن تكون حرف جر

صفحة 405 - الجزء 1

  {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}⁣[النساء: ٤٦، والمائدة: ١٣]، بدليل أنَّ في مكان آخر {مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ}⁣[المائدة: ٤١]، ونحو: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ١٩}⁣[الانشقاق: ١٩]، أي: حالة بعد حالة، وقال [من الرجز]

  ٢٣٦ - وَمَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ عَنْ مَنْهَلٍ ... [قَفْرِ بهِ الأعْطَانُ لَمْ تُسَهْلِ]

  السادس: الظرفية، كقوله [من الطويل]:

  ٢٣٧ - وآسِ سَرَاةَ الحَيِّ حَيْثُ لَقِيتَهُمْ، ... وَلَا تَكُ عَنْ حَمْلِ الربَاعَةِ وَانِيَا


  بعد فيدل عليها بدون انضمام شيء وهذا هو الفارق بين الحرف والاسم. قوله: (بدليل أن في مكان آخر) اعترض بأن معنى يحرفون الكلم عن موضعه يغيرون مدلول الكلم عن الكلم، فاللفظ باق في موضعه والتحريف إنما جاء من جعل اللفظ على معنى ليس مدلوله المراد منه، وأما معنى يحرفون الكلم من بعد مواضعه أنهم يزيلون اللفظ عن موضعه بحيث يبقى الموضع خالياً عن اللفظ وحينئذ، فلا يصح أن تكون إحدى الآيتين دليلاً للأخرى وأيضاً يقال لأي شيء أو لنا في آية عن مواضعه للآية الأخرى ولم يعكس ويؤول قوله من بعد مواضعه، بأن المعنى عن موضعه اهـ تقرير شيخنا دردير. قوله: (ومنهل الخ) تمامه:

  قفر به الأعطان لم تسهل

  قوله: (وآس الخ) بالهمزة الممدودة يقال آساه من ماله إذا دفع له شيئاً منه من المواساة أصلها المؤاساة قلبت الهمزة واواً والسراة جمع سرى بمعنى شريف، أي: أنلهم من مالك واجعلهم فيه أسوة لك.


٢٣٦ - التخريج: الرجز للعجاج في (ديوانه ص ٢٤١؛ والأزهية ص ٢٨٠؛ ولبكير بن عبد الربعي في شرح شواهد المغني ١/ ٤٣٣؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٥١٣؛ وجواهر الأدب ص ١٥٧؛ ورصف المباني ص ٣٦٨).

اللغة: المنهل: مكان الشرب وردته قدمت إليه. القفر: المكان الخالي. الأعطان: جمع عطن وهو مكان جلوس الإبل والغنم حول الماء. تسهل: تسوّى.

المعنى: صدرت عن مكان للشرب، خال لم تسوّ، ولم تمهد مبارك الدواب حوله، إلى منهل ثان، وثالث ... ، يتنقل من منهل إلى منهل وكلّها مهجورة.

٢٣٧ - التخريج: البيت للأعشى في (ديوانه ص ٣٧٩؛ والدرر ٤/ ١٤٥؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٣٤؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ٢٤٧؛ وجواهر الأدب. ص ٣٢٤؛ وشرح الأشموني. ٢٩٥؛ وهمع الهوامع ٢/ ٣٠).

اللغة: آس: قدم المواساة والمساعدة والعزاء. سراة الحي: أشرافه. الرباعة: الدية؛ وهو على رباعة قومه: أي هو سيدهم. الواني: الضعيف.

المعنى: لا تكن كسولاً ضعيفاً عن حمل أعباء الرئاسة والسيادة، وقدم المساعدة والمواساة لأشراف قبيلتك كلّما لقيتهم.