· (عسى) فعل مطلقا
  أحدها: أن يقال: «عَسى زَيْدٌ أن يقومَ» واختلف في إعرابه على أقوال:
  أحدها - وهو قول الجمهور - أنه مثل: «كان زيد يقوم»، واستشكل بأن الخبر في تأويل المصدر، والمخبر عنه ذات، ولا يكون الحدثُ عين الذات؛ وأجيب بأمور، أحدها: أنه على تقدير مضاف: إما قبل الاسم، أي عسى أمرُ زيد القيام، أو قبل الخبر أي: عسى زيد صاحب القيام، ومثله {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ}[البقرة: ١٧٧]، أي: ولكن صاحب البر من آمن بالله، أو ولكن البِرَّ بِرُّ مَنْ آمن بالله؛ والثاني أنه من باب: «زَيْدٌ عَدْل، وَصَوْم»، ومثلُه: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى}[يونس: ٣٧]؛ والثالث أنَّ «أن» زائدة لا مصدرية، وليس بشيء، لأنها قد نصبت، ولأنها لا تسقط إلا قليلاً.
  والقول الثاني: أنها فعل متعد بمنزلة «قارَبَ» معنى وعملاً، أو قاصر بمنزلة
  نفس الأمر، اهـ تقرير دردير قوله (انه مثل كان زيد يقوم) أي: فهو فعل ماض ناقص، أي: لا تدل على الحديث ترفع الاسم وتنصب الخبر وزيد اسمها ويقوم في محل نصب على أنه خبرها. قوله: (إنه تقدير مضاف) هذا الجواب بعيد إذ هذا المقدر لم يظهر ولا تركيب وأيضاً التنظير لا يسلم؛ لأن المولى أولاً قال ليس البر أن تولوا أي: التولية وإنما البر من آمن أي: بر من آمن فالآية فيها دليل على المحذوف بخلاف ها هنا فإنه لا دليل عليه ولا بها في تركيب ويمكن أن يقال إن عدم الصحة في التركيب دليل على يصرح التقدير فهو من دلالة الاقتضاء قوله: (عسى زيد صاحب القيام) أي: ولا شك أن الأمر معنى فاللازم حينئذ الإخبار بالمعنى عن المعنى وهو جائز. قوله: (عسى زيد صاحب القيام) أي: فالإخبار إنما هو بذات عن ذات وهو جائز. قوله: (ومثله) أي: في حذف المضاف من الأول أو الثاني.
  قوله: (من باب زيد عدل) أي: فهو من باب المبالغة، ولا يقال إنه مثله من حيث إنه على تقدير مضاف؛ لأن هذا الجواب تقدم. قوله: (ومثله وما كان هذا القرآن) إن كان مراده انه من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم الفاعل فظاهر وإن أراد أنه مثله في المبالغة فلا يظهر؛ لأنه قبل النفي هذا القرآن كونه مفترى مبالغ فيه فإذا دخل النفي إنما أفاد نفي القيد وهو الكثرة فيفيد ان أصل الافتراء باقٍ وقد يجاب بأنه من باب نفي التقييد أي: انتفى الافتراء نفياً مبالغاً فيه قوله: (زائدة) أي: فكأنك قلت زيد يقوم من باب الإخبار بالجملة وهو صحيح لتأويلها بقائم. قوله: (لأنها) أي: ان قد نصبت أي: والزائد لا ينصب خلافاً للأخفش. قوله: (ولأنها لا تسقط) أي: كما في تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. قوله: (والقول الثاني) أي: في إعراب عسى زيد أن يقوم. قوله: (بمنزلة قارب) أي: فمعنى عسى زيد أن يقوم قارب زيد القيام فخرجنا حينئذ عن كون الأصل المبتدأ والخبر وعلى هذا لا يكون معنى عسى الترجي. قوله: (أو قاصر) أي: لازم وهذا من تتمة القول الثاني فهو يقول أنه فعل متعد أو لازم وعلى كل حال فمعناها المقابلة.