حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (عند): اسم للحضور الحسي

صفحة 427 - الجزء 1

  عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأولى» وجِئْتُكَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.

  الثاني: تُعَاقِبُ «عند» كلمتان: لَدَى مطلقاً، نحو: {لَدَى الْحَنَاجِرِ}⁣[غافر: ١٨]، {لَدَى الْبَابِ}⁣[يوسف: ٢٥]، {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ٤٤}⁣[آل عمران: ٤٤]، و «لَدُن» إذا كان المحل محل ابتداء غاية، نحو: «جِئْتُ مِنْ لَدُنْهُ». وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ٦٥}⁣[الكهف: ٦٥] ولو جيء بـ «عند» فيهما أو بـ «لَدُن» لصلح، ولكن تُرِك دفعاً للتكرار، وإنما حَسُن تكرار «لدى» في {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ}⁣[آل عمران: ٤٤] لتباعُدِ ما بينهما، ولا تصلح «لَدُنْ» هنا، لأنه ليس محل ابتداء.

  ويَفْترقن من وجه ثان، وهو أن «لدن» لا تكون إلا فضلة، بخلافهما بدليل: {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ}⁣[المؤمنون: ٦٢]، {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ٤}⁣[ق: ٤].

  وثالث، وهو أن جرَّها بـ «مِن» أكثر من نصبها؛ حتى إنها لم تجيء في التنزيل


  قوله: (عند الصدمة الأولى) أي: في زمنها والصدمة المصيبة وهذا حديث. قوله: (تعاقب عند كلمتان) أي: تأتيان بمعناها وقوله: مطلقاً، أي سواء كان المحل محل ابتداء الغاية أو لا اهـ تقرير دردير قوله: (ولدن) أي: والثانية لدن فتأتي بمعنى عند. قوله: (إذا كان المحل محل ابتداء غاية) بأن وقعت قبلها من التي لابتداء الغاية. قوله: (جئت من لدنه) أي: جئت من المكان الذي هو بقربه أي: ابتداء المجيء من المكان. قوله: (وقد اجتمعتا) أي: عند ولدن قوله: (ولا يصلح لدن هنا) أي: في قوله وما كنت لديهم. قوله: (لأنه ليس محل ابتداء) أي: ولدن لا تدخل إلا في محل ابتداء الغاية. قوله: (ويفترقن) أي: لدى وعند مع لدن من وجه ثان، وأما الوجه الأول: فهو أن عند ولدى يكونان في المحل الذي يكون لابتداء الغاية وغيره بخلاف لدن فلا تقع إلا فيه. قوله: (لا تكون إلا فضلة) أي: ولا تقع إلا في محل نصب على المفعولية، فإن قلت يجوز ان يقال علم من لدن زيد ببناء علم للمفعول ونيابة الظرف عن الفاعل فيكون في محل رفع فانتقض ما ذكره، قلت: وإنما يجيز نيابة الظرف غير المتصرف الأخفش والجمهور على خلافه فلا نقض اهـ دماميني.

  قوله: (لا تكون إلا فضلة) أي: مجرورة بمن أو منصوبة على الظرفية. قوله: (بخلافهما) أي: بخلاف عند ولدى فإنهما قد يقعان فضلة نحو جلست عندك ولديك، وقد يقال عمدة بدليل الآية المذكورة. قوله: (ولدينا كتاب) لدينا خبر مقدم وكتاب مبتدأ مؤخر فإن قلت ان الخبر محذوف ولدى ظرف وهو فضلة قلت إن الخبر كما حذف وجوباً وأقيما مقامه فكذا أعطيا حكمه وعندنا في محل رفع قوله: (وهو إن جرها) أي: لدن. قوله: (حتى إنها) غاية لمحذوف، أي ونصبها قليل حتى انها لم تجئ فهو غاية في