حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفاء المفردة

صفحة 454 - الجزء 1

  {حَمِيمٍ} وما بينهما معترض، أو {هَذَا} منصوب بمحذوف يفسره {فَلْيَذُوقُوهُ} مثل {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ٤٠}⁣[البقرة: ٤٠] وعلى هذا فـ «حميم» بتقدير: هو حميم.

  ومن زيادتها قوله [من الكامل]:

  ٢٧٤ - لَمَّا اتَّقَى بِيَدِ عَظِيمٍ جُرْمُهَا ... فتركْتُ ضَاحِيَ جِلْدِهَا يَتَذَبْذَبُ

  لأن الفاء لا تدخل في جواب «لما»، خلافاً لابن مالك، وأما قوله تعالى: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ}⁣[لقمان: ٣٢] فالجواب محذوف، أي: انقسموا قسمين فمنهم مقتصد ومنهم غير ذلك، وأما قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا


  قوله: (وما بينهما معترض) قال الدماميني: ولا تكون زائدة لئلا يقطع فيما فر منه ولا للعطف على جملة هذا حميم لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر وتقدير المعطوف على بعض المعطوف عليه فتكون رابطة لشرط محذوف والشرط والجزاء معترض، أي: وإذا كان كذلك فليذوقوه ولعل الأوضح أن التقدير هذا حميم، فإن لم يؤمنوا الآن فليذوقوه يوم القيامة، ويمكن أن يقال أن هذا خبر لمحذوف أي: العذاب هذا فليذوقوه أي: وإذا كان هو حميماً فليذوقوه. قوله: (يفسره) فليذوقوا هذا فليذوقوه مرة عقب المرة الأولى. قوله: (وإياي) معمول لمحذوف أي: ارهبوني فحذف الفعل فانفصل الضمير والفاء عاطفة وهي للتأسيس. قوله: (بتقدير هو حميم) أي: فهو خبر المحذوف. قوله: (فتركت) هو جواب لما فالفاء زائدة كما أشار له المصنف بقوله؛ لأن الفاء لا تدخل الخ، قال الشارح لا نسلم أن الفاء زائدة بل عاطفة على محذوف، أي: ضربتها، فتركت، أي: أنه لما اتقى بيد عظيم جرمها أي: جسمها ضربتها بالسيف فتركت جلدها الضاحي أي: البارز الظاهر يتذبذب أي: يتحرك يروح ويجيء.

  قوله: (خلافاً لابن مالك) أي: القائل بجواز دخول الفاء في جواب لما. قوله: (ولما جاءهم) أي: اليهود كتاب هو القرآن مصدق لما معهم هو التوراة وكانوا من قبل أي: من ذلك الكتاب. قوله: (يستفتحون) أي: يستنصرون يقولون اللهم انصرنا على الذين كفروا بالنبي المبعوث آخر الزمان. قوله: (فلما جاءهم ما عرفوا) أي: من الحق وهو بعث النبي.


٢٧٤ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الأزهية ص ٢٤٨؛ وسر صناعة الإعراب ١/ ٢٦٩؛ وشرح شواهد المغني ص ٤٧٣).

اللغة جرمها: ذنبها وجنايتها. ضاحي جلده الظاهر منه. يتذبذب: ينوس.

المعنى: ضربته بالسيف على يده المذنبة ذنباً عظيماً، لما حاول صدّ سيفي بها، فقطعتها، وبقيت معلقة بالجلد الخارجي تتأرجح يمنة ويسرة.