حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

مسألة - الفاء في نحو: «خرجت فإذا الأسد»

صفحة 456 - الجزء 1

  الأصْل مهما يكن من شيء فاضرب زيداً، وقد مضى شرحه في حرف الهمزة.

  ***

  مسألة - الفاء في نحو: «خَرَجْتُ فَإِذَا الأَسَدُ» زائدة لازمة عند الفارس والمازني وجماعة؛ وعاطفة عند مَبْرَمان وأبي الفتح؛ وللسببية المَحْضَةِ كفاء الجواب عند أبي إسحاق؛ ويجب عندي أن يُحْمَل على ذلك مثل: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ١ فَصَلِّ لِرَبِّكَ}⁣[الكوثر: ١ - ٢]. ونحو: «ائتني فإني أكرمك»، إذ لا يُعطف الإنشاء على الخبر ولا العكس، ولا يحسن إسقاطها ليسهل دعوى زيادتها.

  ***

  مسألة - {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}⁣[الحجرات: ١٢] قدر أنهم قالوا بعد الاستفهام: «لا»، فقيل لهم: فهذا كرهتموه، يعني والغيبة مثله فاكرهوها، ثم حذف المبتدأ وهو «هذا»


  لأنه على كلامه الفاء محلها الدخول على إضرب فقدم معمول اضرب عليه، ولا يجوز عمل ما بعد الفاء فيما قبلها. قوله: (كما قال الجميع) اعترض بأن بعضاً يقول أن ما بعد أما معمول لمحذوف دائماً فعله أراد بالجميع جماعة الجمهور، ثم إنه يقال إن ما قاله الجماعة سهلة إنابة أما عن المحذوف وأما هنا فلم ينب عن المحذوف شيء، فلا يصح التنظير. قوله (زائدة لازمة) أي: ولا تنافي بين الزيادة واللازم خلافاً لما يوهمه آخر عبارته. قوله: (وعاطفة) أي: لجملة فعلية على فعلية بحسب المعنى، أي: خرجت ففاجأت حضور الأسد أو وقت حضوره أو زمن حضوره على ما قيل في معنى إذا اهـ تقرير دردير. قوله: (وللسببية المحضة) أي: الخالصة من العطف ومراده بالسببية اللزوم والترتيب أي: المفيدة أن ما قبلها وما بعدها ترتيباً سواء كان ما بعدها مرتباً ومسبباً عما قبلها أو العكس. قوله: (ويجب عندي أن يحمل على ذلك) أي: على ما ذكره من فاء السببية المحضة. قوله: (ويجب عندي الخ) أي: لأنه ممن يقول بمنع عطف الإنشاء على الخبر وعكسه وأما من جوزه فلا يجب عنده السببية، بل يجوز أن تكون عاطفة. قوله: (مثل إنا أعطيناك) أي: الفاء في فصل الخ.

  قوله: (على الخبر) أي: كما في الآية، وقوله: ولا العكس أي: كما في المثال. قوله: (ولا يحسن إسقاطها الخ) فيه أنه ليس بين الزيادة وجواز السقوط تلازم فقد يكون الحرف زائداً لازماً قاله الدماميني، قال: ثم لا نسلم دلالة كلامه على التلازم بين الزيادة وجواز السقوط، وإنما يدل على التلازم بين حسن الإسقاط وسهولة دعوى الزيادة. قوله: (فهذا كرهتموه) أي: فالفاء فاء الفصيحة واقعة في جواب شرط مقدر، أي: وإذا كان كذلك فهذا كرهتموه والغيبة مثله وفاء الفصيحة تجامع السببية.