حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - قيل: الفاء تكون للاستئناف

صفحة 457 - الجزء 1

  وقال الفارسي: التَّقدير: فكما كرهتموه فاكرهوا الغيبة؛ وضعفه ابن الشجري بأن فيه حذف الموصول - وهو «ما» المصدرية - دون صلتها، وذلك رديء؛ وجملة {وَاتَّقُوا اللَّهَ}⁣[الحجرات: ١٢] عطف على {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}⁣[الحجرات: ١٢] على التقدير الأول، وعلى «فاكرهوا الغيبة» على تقدير الفارسي؛ وبعد فعندي أن ابن الشجري لم يتأمَّل كلام الفارسي، فإنه قال: كأنهم قالوا في الجواب: «لا»، فقيل لهم فكرهتموه فاكْرَهوا الغيبة واتقوا الله، فـ «اتقوا» عطف على «فاكرهوا»، وإن لم يذكر «كما» في {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ}⁣[البقرة: ٦٠] والمعنى: فكما كرهتموه فاكرهوا الغيبة، وإن لم تكن «كما»، مذكورة، كما أن «ما تأتينا فَتُحَدِّثُنَا» معناه فكيف تحدثنا وإن لم تكن «كيف» مذكورة، اهـ.

  وهذا يقتضي أن «كما» ليست محذوفة، بل أن المعنى يعطيها، فهو تفسير معنى، لا تفسير إعراب.

  تنبيه - قيل: الفاء تكون للاستئناف كقوله [من الطويل]:

  ٢٧٥ - أَلَمْ تَسْأَلِ الرَّبْعَ الْقَوَاءَ فَيَنطِقُ ... [وَهَلْ تُخْبِرَنْكَ الْيَوْمَ بَيْدَاءُ سَمْلَقُ]


  قوله: (التقدير) أي: بعد أن قالوا: لا. قوله: (وهو ما المصدرية دون صلتها) أي: فككراهتكم له فاكرهوا الغيبة والفاء الثانية زائدة، أي فاكرهوا الغيبة ككراهتكم له. قوله: (وجملة واتقوا الله) هذا من كلام المصنف. قوله: (عطف على ولا يغتب) وإنما لم يعطفه على قوله فاكرهوها من قوله والغيبة مثله فاكرهوها؛ لأن قوله فيما تقدم يعني: والغيبة الخ ليس قصده التقدير، بل قصده أن المعنى عليه قوله: (وبعد) أي: وبعدما تقدم فأقول لك عندي الخ، وفي الشارح بعد ظرف مقطوع عن الإضافة مبني على الضم معمول لمحذوف والتقدير وأقول بعد نقل هذا الكلام تنبه فعندي أن ابن الشجري فمعموله القول محذوف أي تنبه، والفاء للسببية وهي هنا فصيحة. قوله: (اضرب بعصاك الحجر فانفجرت) أي: فضرب فانفجرت قوله (انتهى) أي: كلام الفارسي وقوله: وهذا أي: كلام الفارسي. قوله: (يقتضي ان كما ليست محذوفة) أي: حتى يلزم عليه حذف الحرف المصدري كما ادعى ابن الشجرى. قوله: (قيل الخ) هذا معنى غير العطف والزيادة والسببية. قوله: (ألم تسأل الربع القواء فينطق) هو صدر بيت وعجزه:


٢٧٥ - التخريج: البيت لجميل بثينة في (ديوانه ص ١٣٧؛ والأغاني ٨/ ١٤٦؛ وخزانة الأدب ٨/ ٥٢٤، ٥٢٥؛ والدرر ٤/ ٨١؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٠١؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٤٠؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٧٤؛ وشرح المفصل ٧/ ٣٦، ٣٧؛ ولسان العرب ١٠/ ١٦٤ (سملق)؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٠٣؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤/ ١٨٥؛ والجنى الداني ص ٧٦؛ =