الثاني: المصاحبة
  «أدْخَلْتُ الْخَاتَمَ في إصبعِي، وَالْقَلَنْسُوَةَ فِي رأسي» إلا أن فيهما قلباً.
  الثاني: المصاحبة، نحو: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ}[الأعراف: ٣٨] أي: معهم، وقيل: التقدير: ادخلوا في جملة أمم، فحُذف المضاف. {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ}[القصص: ٧٩].
  والثالث: التعليل، نحو {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}[يوسف: ٣٢]، {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ}[النور: ١٤]، وفي الحديث: «أن امرأة دَخَلَتِ النَّارَ في هِرَّة حَبَسَتْهَا».
  الرابع: الاستعلاء، نحو: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه: ٧١]. وقال [من الطويل]:
  يمر فيه الأصبع ووجه القلب أن شأن المظروف أن يتحرك بحركة ظرفه لا عكسه كما هنا، فلذا حسن القلب رعاية لهذا الاعتبار وكان الأولى للمصنف أن يقدم هذا قبل قوله: أو مجازيه. قوله: (وقيل التقدير الخ) ظاهره أن في هنا على هذا القول ليست بمعنى مع مع أنها بمعناها على هذا التقدير كما أن المعنى على مع بدونه.
  قوله: (في جملة أمم) ظاهره انه ليس المعنى مع لأنه مقابل له وليس كذلك لأن الدخول في النار، مع الأمم لا ينافي أن في بمعنى مع فتقدير جملة كعدمه، والحاصل أنه أن أراد في وسط أمم فالظرفية حقيقية سواءً قدر جملة أم لا، فإن قلت جعلها للظرفية يلزمه تعلق حرفي جر متحدي المعنى بعامل واحد، قلت: يعق في النار بادخلوا وفي أمم بحال محذوفة، أي: مندرجين في أمم، وإن كان المراد ادخلوا في النار مع الأمم فهي للمصاحبة سواء قدر جملة أم لا فلا يصح أن يكون قوله، وقيل: التقدير الخ مقابلاً لقوله أي: معهم.
  قوله: (في زينته) أي: معها وإنما لم يكن هذا المعنى على الظرفية؛ لأن الزينة أعم من أن تكون ثياباً ومركوباً أو سلاحاً وهذه كلها لا تصح الظرفية في بل في بعضها هذا ويمكن جعل الزينة ظرفاً مجازياً كما جعل النهر في الآية السابقة.
  قوله: (التعليل) أراد به ما يشمل السببية وهي تؤدي معنى لام العلة. قوله: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}[يوسف: ٣٢] أي: بسببه ويمكن أنها هنا للظرفية المجازية أي: لو كان ما كائناً في شأنه. قوله (في هرة) أي: بسببها أو لأجلها اهـ تقرير دردير.
  قوله: (الاستعلاء) هذا عند الكوفيين وأما عند البصريين فيجعلون ذلك تجوزاً بأن يشبهون المصلوب لتمكنه من الجذع بالحال في الشيء فهو من باب الاستعارة المكنية.
  قوله: (في جذوع النخل) أي: عليها؛ لأن التصليب لا يكون في بطنها؛ وقيل: إن فرعون كان يشق الجذع ويضع الشخص فيه وحينئذ ففي للظرفية.