حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها الظرفية

صفحة 459 - الجزء 1

  أي: فهو يعجمه. ولا يجوز نصبه بالعطف، لأنه لا يريد أن يعجمه.

  والتحقيق أن الفاء في ذلك كله للعطف، وأن المعتمد بالعطف الجملة، لا الفعل، والمعطوف عليه في هذا الشَّعْرِ قوله يُريد، وإنما يُقدر النحويون كلمة «هو» ليبينوا أن الفعل ليس المعتمد بالعطف.

· (في): حرف جرّ، له عشرة معان:

  أحدها الظرفية، وهي إما مكانيّة أو زمانية، وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {الم ١ غُلِبَتِ الرُّومُ ٢ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ٣ فِي بِضْعِ سِنِينَ}⁣[الروم: ١ - ٤]، أو مجازية، نحو: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}⁣[البقرة: ١٧٩]، ومن المكانية


  قوله: (لا يريد الخ) أي: ولو كانت للسببية لانحل المعنى يريد أن يعربه فيريد أن يعجمه مع أنه لا يريد إعجامه، بل إنما يريد إعرابه. قوله: (وأن المعتمد) أي: المقصود والمراد بالعطف الجملة أي: فهو عطف جملة فعلية على جملة فعليه قوله: (لا الفعل) أي: فلذا لم يجزم في البيت الأول. قوله: (والمعطوف عليه في هذا الشعر قوله يريد) أي: والمعطوف عليه في آية البقرة، وهي قوله بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً، فإنما يقول له كن فيكون هو يقول اهـ - دماميني قوله: (ليبينوا الخ) أي: أنه إذا أريد عطف جملة يقدر هو إشارة إلى أن المقصود الجملة وليس المراد الفعل وليس قصدهم بتقدير هو أنها جملة اسمية عطف على الفعليه.

  (في) قوله: (إما مكانية) أي: إن كان الظرف مكاناً أو زمانية إن كان الظرف زماناً. قوله: (أو مجازية) المقابلة باعتبار أنه أراد بالزمانية والمكانية الحقيقيتين إن قلت إن في تدخل على ظرفين حقيقي ومجازي نحو: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ٤٥}⁣[الحجر: ٤٥]، {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ٥٤}⁣[القمر: ٥٤] فما محله عند من يمنع استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، قلت: يقدر ظرف مجازي يشملها أي في نعيم جنات ونهر ولك أن تجعله من قبيل عموم المجاز من غير تقدير بأن تقول في مستعملة في مطلق الملابسة الصادقة بالظرفية الحقيقية والمجازية، وإما أن يقدر العيون والنهر مجروراً بفي أخرى فتكون الظرفية الأولى حقيقية والثانية مجازية وكل منهما مؤدي بحرف غير ما أدى به الآخر. قوله: (أو مجازية) هذا مقابل لمحذوف، أي: وهي إما حقيقية كما تقدم وهي المنقسمة إلى المكانية والزمانية، وأما مجازية وإلا فالمجازية لا تقابل المكانية والزمانية، واعلم أن الحقيقية هي ما كان الظرف زماناً أو مكاناً والمظروف حسياً والمجازية ما كان المظروف غير حسي بأن كان معنى من المعاني أو الظرف أو هما. قوله: (ولكم في القصاص حياة) أي: فالقصاص وهو الظرف معنى وكذا المظروف وهو الحياة ومثله النجاة في الصدق وقد يكون المعنى الحال فيه نحو البركة في الأكابر، وقد يكون عكسه نحو أهل الجنة في رحمة الله. قوله: (ومن المكانية) أي: الحقيقية وذلك لأن الخاتم مكان حقيقي