· (كم) على وجهين
  الثاني: أن المتكلم بالخبرية لا يستدعي من مخاطبه جواباً لأنه مُخبِر، والمتكلم بالاستفهامية يستدعيه لأنه مُستخبر.
  الثالث: أن الاسم المبْدَل من الخبرية لا يقترن بالهمزة، بخلاف المُبدل من الاستفهامية، يقال في الخبرية: «كم عَبِيد لي خمسون بل ستون»، وفي الاستفهامية: «كم مالك أعشرون أم ثلاثون».
  الرابع: أن تمييز «كم» الخبرية مفرد أو مجموع، تقول: «كَمْ عَبْدِ ملَكْتَ» و «كم عبيد ملكت»، قال [من مجزوء المديد]:
  ٣٠٦ - كَمْ مُلُوكِ بَادَ مُلْكُهُمُ ... وَنَعِيم سوقة بادوا
  وقال الفرزدق [من الكامل]:
  ٣٠٧ - كَمْ عَمَّةٍ لَكَ يا جَريرُ وَخَالَةٍ ... فَدْعَاءُ قَدْ حَلَبَتْ عَليَّ عِشاري
  قوله: (يستدعيه) أي: يطلب جواباً؛ لأنه مستخبر أي: مستفهم. قوله: (بخلاف المبدل من الاستفهامية) وذلك لأن اسم الاستفهام مطلقاً سواء كان كم أو غيرها مضمن معنى الهمزة فيجب في المبدل منه اقترانه بها.
  قوله: (كم عبيد لي) كم مبتدأ وهو مضاف وعبيد مضاف إليه ولي خبر وخمسون بدل، ثم أضرب عنه بقوله بل ستون قوله: (كم مالك الخ) مالك مبتدأ وكم خبر أي: مالك أي: عدم ويصح العكس في الإعراب. قوله: (أعشرون) بدل من كم فقرنه بالهمزة، وقوله: أم ثلاثون عطف على عشرون والهمزة لا دخل لها في البدل بل البدل ما بعدها. قوله: (مفرد أو مجموع) إما إفراد فلمشابهة الخبرية المائة والألف في الدلالة على الكثرة، وإما جمعه فلمناسبة التكثير من حيث ذاته فإنه أكثر من المفرد والنكات لا تتزاحم. قوله: (كم عبيد ملكت) كم مفعول مقدم وعبيد مضاف إليه وهو التمييز وكذا ما بعده. قوله: (كم ملوك) كم مبتدأ وملوك تمييز وقوله: ونعيم عطف على ملوك فقد وقع تمييزها جمعاً ومفرداً فهو جامع للأمرين وقوله: باد خبر كم وقوله: سوقة مضاف إليه وهو ما قابل الملوك. قوله: (كم) مبتدأ وعمة تمييز وخالة عطف عليه، وقد حلبت خبر كم كما يأتي.
٣٠٦ - التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر (٤/ ٤٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٥١١؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٩٥؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٥٤).
اللغة: باد: هلك. السوقة: الرعيّة من دون الملك، وكلّ من لم يكن ذا سلطان فهو سوقة وهم سوقة.
المعنى: لقد هلك الكثير من الملوك، وتقوّضت عروشهم، وكذلك الناس غير الملوك تهلك أيضاً، أي أن الحياة اللينة لا تدوم لأحد.
٣٠٧ - التخريج: البيت للفرزدق في (ديوانه ١١/ ٣٦١؛ والأشباه والنظائر ٨/ ١٢٣؛ وخزانة الأدب =