حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (كل): اسم موضوع لاستغراق أفراد المنكر،

صفحة 525 - الجزء 1

  حَسَن» فإذا قلت: «أكلتُ كلَّ رغيف لزيد» كانت لعموم الأفراد، فإن أضَفْتَ الرغيف إلى «زيد» صارت لعموم أجزاء فرد واحد.

  ومن هنا وجب في قراءة غير أبي عمرو وابن ذكوان {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ٣٥}⁣[غافر: ٣٥] بترك تنوين {قَلْبِ} تقدير «كل» بعد قلب ليتم أفراد القلوب كما عمّ أجزاء القلب.

  وترد ود «كل» - باعتبار كل واحد مما قبلها وما بعدها - على ثلاثة أوجه.

  فأما أوجهها باعتبار ما قبلها:

  فأحدها: أن تكون نعتاً لنكرة أو معرفة؛ فتدلّ على كَمَالِهِ، وتجب إضافتها إلى اسم ظاهر يماثله لفظاً ومعنى، نحو: «أطعمنا شاة كل شاة»، وقوله [من الطويل]:


  حقيقة أو حكماً. قوله: (كل زيد حسن) أي: كل جزء من أجزائه حسن. قوله: (كانت لعموم الإفراد) أي: لأن الرغيف منكر فكل لاستغراق إفراده قوله: (لعموم أجزاء فرد واحد) لأن الرغيف معرف. قوله: (ومن هنا) أي: من أجل أن المفرد المنكر الواقع بعد كل غير مضاف إليه ما بعده تكون كل فيه لاستغراق الإفراد وجب على هذه القراءة تقدير كل قبل متكبر ليعم الخ. قوله: (وجب الخ) وذلك لأنه لما أضيف قلب لمتكبر ومتكبر مفرد غير مضاف إليه كل وجب أن يبقى على حكم الإفراد كما في قولك أكل كل رغيف إنسان واعتبار العموم في القلب دون المتكبر يؤدي لكون المتكبر الواحد له قلوب وهو باطل.

  قوله: (تقدير الخ) فاعل وجب وقوله ليعم إفراد القلوب صوابه ليعم إفراد المتكبرين من كل الثانية وذلك لأن كلا إنما هي لاستغراق إفراد مدخولها المضافة هي إليه وكل الثانية إنما أضيفت لمتكبر موصوف بجبار فيعم بالنسبة للمتكبرين الجبارين لا بالنسبة لقلوبهم. قوله: (كما عم أجزاء القلوب) خلاف الصواب لأن كل مضافة لقلوب وهو نكرة فهي لاستغراق إفراد القلب لا لاستغراق أجزائه. قوله: (كل واحد مما قبلها الخ) ورودها على ثلاثة أوجه بالنظر لما قبلها بالنظر للسامع، وأما بالنظر لما عند المصنف فهي أربعة لأنه يأتي يجعلها بدلاً في نحو إنا كلا فيها قوله (على كماله) أي: كما ذلك المنعوت فتقول رأيت رجلاً كل رجل أي رأيت رجلاً كاملاً في أوصاف الرجال فاندفع ما يقال إن كلا جامدة والنعت لا بد أن يكون مشتقاً وحاصل الجواب أنها وإن كانت جامدة إلا أنها في قوة المشتق. قوله: (وتجب إضافتها) أي: إضافة كل وقوله يماثله أي يماثل المنعوت.

  قوله: (لفظاً) أي: بأن تكون حرف المضاف هي حروف المنعوت، وقوله: ومعنى أي من حيث الإفراد والتذكير والتأنيث. قوله: (أطعمنا شاة) أطعم فعل ماض ونا مفعول أول وشاة مفعول ثان والفاعل ضمير مستتر عائد على زيد مثلاً أي أطعمنا زيد شاة ويصح.