قوله: (وجب مراعاة معناها)
  «إلى»؛ بل في «على»، ولأن «إلى» متعلّقة بما قبلها؛ فيلزم أن يعمل في الاستفهام فعل متقدم عليه، ولأن الجملة التي بعدها تصيرُ حينئذٍ غير مرتبطة، وإنما هي منصوبة بما بعدها على الحال، وفعل النظر مُعَلق، وهي وما بعدها بدل من الإبل بدل اشتمال، والمعنى إلى الإبل كيفية خلقها؛ ومثله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}[الفرقان: ٤٥]؛ ومثلهما في إبدال جملة فيها كيف من اسم مفرد قوله [من الطويل]:
  ٣٣٩ - إِلَى اللَّهِ أَشْكُو بِالْمَدِينَةِ حَاجَةً، ... وَبِالشَّامِ أُخْرَى، كَيْفَ يَلْتَقِيَانِ
  أي أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما.
  هذا المثال منسلخة عن الاستفهام لعدم صدارتها ومعناها الحالة أي انظر إلى حالة الصنع فهي مضافة للجملة بعدها ويصح تنزيل الآية عليه أي ينظرون إلى الإبل حالة خلقها وحالة خلقها بدل اشتمال قوله: (بل في على) أي: كما في قوله على كيف تبيع الأحمرين. قوله: (فيلزم أن يعمل الخ) أي: بواسطة عمله في إلى العاملة في الإبل. قوله: (غير مرتبطة) أي: غير ملتئمة بكيف كذا قرره بعض قوله: (مرتبطة) أي: بما قبلها لأن البدل على نية تكرار العامل والمعنى إلى كيف خلقت. قوله: (وإنما هي) أي: كيف منصوبة بما بعدها أي خلقت في أي حالة قوله: (على الحال) أي: لأنها بدل. قوله: (معلق) أي: بكيف. قوله: (وهي) أي: كيف فهي في نصب على الحال وهي وما بعدها، وهو قوله خلقت في محل جر بدل من الإبل قوله: (بدل اشتمال) أي: والبدل سد مسد المفعولين.
  قوله: (كيفية خلقها) أي: من طول عنقها وقوائمها لا يقال البدل على نية تكرار العامل فيلزم دخول الجار عليها وتقدم منعه لأنا نقول الجار هنا معلق، وقولهم: الجار لا يعلق أي استقلالاً وهنا علق تبعاً لعامه وهو فعل النظر وهم يغتفرون في التابع ما لا يغتفر في الحاصل استقلالاً اهـ شمني ثم قال ويمكن أن يجاب به عن قول المصنف لأن دخول الجار على كيف شاذ الخ. قوله: (كيف مد الظل) أي: مد الظل على أي حالة والجملة بدل أي ألم تر إلى ربك كيفية مد الظل. قوله: (ومثلها) أي: مثل الآيتين. قوله: (من اسم مفرد) أي: ليس جملة فيشمل المثنى كما في البيت قوله: (تعذر التقائهما) هذا تقدير لكيف واعترض بأنه يلزم عليه خروج كيف عن الاستفهام، فلو قال كيفية التقائهما لكان أحسن وأجبت بأنه إنما فسر كيف بالتعذر إشارة إلى أن الاستفهام هنا للاستبعاد اهـ قال الدماميني ويمكن إن كيف يلتقيان جملة استئنافية بين بها. الشكوى وهو استبعاد التقائهما.
٣٣٩ - التخريج: البيت للفرزدق في (خزانة الأدب ٥/ ٢٠٨؛ وشرح التصريح ٢/ ١٦٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٥٧؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٢٠١؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني، ٢/ ٤٤٠؛ والمحتسب ٢/ ١٦٥؛ والمقتضب ٢/ ٣٢٩؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٢٨).
المعنى: يشكو الشاعر تفرّق أغراضه، وتشتت حاجاته، فهو مضطرب البال، موزع الأهواء.