حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

مسألة - زعم قوم أن «كيف» تأتي عاطفة

صفحة 558 - الجزء 1

  مسألة - زعم قوم أن «كيف» تأتي عاطفة فمن زعم ذلك عيسى بن موهب، ذكره في كتاب العلل، وأنشد عليه [من الطويل]:

  ٣٤٠ - إِذَا قَلَّ مَالُ الْمَرْءِ لانَتْ قَنَاتُهُ، ... وَهَانَ عَلَى الأَدْنَى، فَكَيْفَ الأَباعِدِ

  وهذا خطأ، لاقترانها بالفاء، وإنما هي هنا اسم مرفوع المحل على الخبرية، ثم يحتمل أن «الأباعد» مجرور بإضافة مبتدأ محذوف أي: فكيف حال الأباعِدِ، فحذف المبتدأ على حد قراءة ابن جماز: {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}⁣[الأنفال: ٦٧] أو بتقدير: فكيف الهوان على الأباعد، فحذف المبتدأ والجار، أو بالعطف بالفاء، ثم أقحمت «كيف» بين العاطف والمعطوف لإفادة الأولوية بالحكم.

  ***

  تم الجزء الأول، ويليه الجزء الثاني

  وأوله: حرف اللام


  مسألة: قوله: (عاطفة) أي: تكون من حروف العطف. قوله: (لانت قناته) لين القناة كناية عن الضعف وسوء الحال. قوله: فكيف (الأباعد) أي: فكيف حرف عطف والأباعد عطف على الأدنى ورد بأن كيف لو كانت عاطفة لما دخلت عليها الفاء، واعلم إن هذا القائل لم يتكلم على الفاء هل هي زائدة أم لا، والظاهر إنه يقول بزيادتها وحينئذ فلا يرد عليه بما ذكر. قوله: (على حد قراءة ابن جماز) أي: حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على جره من غير شرطه المذكور في الألفية وغيرها وهو أن يكون ما حذف مماثلاً لما عليه قد عطف وابن جماز راوي أبي جعفر أحد الثلاثة الزائدة على السبعة. قوله: (والله يريد الآخرة) أي ثوابها قوله: (أو بالعطف بالفاء) عطف على قوله بإضافة مبتدأ قال الدماميني وهذا لا يصح مع جعله الموضوع أن كيف خبر إذ الإقحام يقتضي عدم المحل ويمكن أنه متعلق بمحذوف قسيم لما تقدم أي أو يوجه ذلك بالعطف الخ. قوله: (أقحمت) أي: زيدت.


٣٤٠ - التخريج البيت بلا نسبة في (الدرر ٦/ ١٤٧؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٥٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣٨).

اللغة: القناة: الرمح، وقناة المرء: عوده وقوامه. الأدنى: الأقرب.

المعنى: إذا صار المرء ذا مال قليل ضعف عوده، وصغرت مكانته عند أقرب الناس إليه، فكيف بمن هم بعيدون عنه؟!