حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (اللام المفردة) ثلاثة أقسام:

صفحة 4 - الجزء 2

  «لَنَا»، و «لَكُمْ»، و «لَهُمْ»، إلا مع ياء المتكلم فمكسورة.

  وإذا قيل: «يا لَكَ»، و «يَا لي» احتمل كلُّ منهما أن يكون مستغاثاً به، وأن يكون مستغاثاً من أجله، وقد أجازهما ابن جنّي في قوله [من الطويل]:

  ٣٤١ - فَيَا شَوْقُ مَا أَبْقَى، وَيَا لِي مِنَ النَّوَى ... [ويَا دَمْعُ مَا أَجْرَى وَيَا قَلْبُ مَا أَصْبَى]

  وأوجب ابن عصفور في «يا لي» أن يكون مستغاثاً من أجله، لأنه لو كان مستغاثاً به لكان التَّقدير: يا أدعو لي، وذلك غير جائز في غير باب «ظننت» و «فَقَدْتُ» و «عَدِمْت»؛ وهذا لازم له، لا لابن جني، لما سأذكره بعدُ.


  قوله: (أن يكون مستغاثاً به) أي: أدعوك للتخلص من كذا وأدعو نفسي للتخلص من كذا. قوله: (وأن يكون مستغاثاً من أجله) أي: فالمعنى يا قوم لك أي أدعوكم للتخلص لك أو يا قوم للتخلص من نفسي فإذا جعلت للمستغاث من أجله كان المستغاث به محذوفاً. قوله: (وقد أجازهما) أي: كون اللام لام المستغاث به أو من أجله قوله: (فيا شوق الخ) تمامه:

  ويا دمع ما أجرى ويا قلب ما أصبى

  قوله: (ما أبقى) أي: ما أبقاك فالمتعجب منه محذوف. قوله: (ويالي) أي: أدعو نفسي أو أدعو قومي ليخلصوني من النوى أي للخلاص من النوى أي الفراق. قوله: (أن يكون) أي: يالي مستغاثاً من أجله أي واللام لام المستغاث لأجله. قوله: (لكان التقدير يا أدعو لي) الأولى حذف يا لأن أدعو نائبة عن يا فلا يجمع بينهما، وإنما كان هذا هو التقدير لأن اللام حرف جر متعلقة بأدعو محذوفاً نابت عنه يا فيلزم تعدي الفعل لضميرين متصلين بمعنى أحدهما فاعل والآخر مفعول بواسطة اللام وهو لا يجوز في غير الأبواب الثلاثة باب ظننت فتقول ظننتني وباب فقد فتقول فقدتني وباب عدمت فتقول عدمتني. قوله: (لكان التقدير الخ) أي: وأما إذا جعلت لام المستغاث له فلا يلزم ذلك لتعلقها بوصف محذوف حال من المنادى والتقدير يا لزيد مدعو إلى أو لنفسي. قوله: (وذلك غير جائز) أي: للزوم تعدي الفعل إلى ضميرين متصلين أحدهما فاعل والثاني مفعول وهما بمعنى واحد وهذا ممنوع عندهم ولا يجوز إلا في الأبواب المذكورة.

  قوله: (وهذا) أي: الإلزام لازم لابن عصفور لجعله لام المستغاث به متعلقة بالفعل ولام المستغاث متعلقة بوصف محذوف قوله: (لا لابن جنى) أي: فلذا جوز في اللام وجهين. قوله (لما سأذكره) أي: من أن اللام متعلقة بيا عند ابن جني ومتعلقة بأدعو عند


٣٤١ - التخريج: البيت للمتنبي في (ديوانه ١/ ١٨٥؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٤٦١).

اللغة: النوى الفراق. ما أصبى: ما أشد صبوتي، أي ميلي إلى الهوى.

المعنى: أيها الشوق المبرح، لم تبق في شيئاً صحيحاً، ويا لخوفي من الفراق، فكم أجرى دموعي، وكم أمال قلبي إلى من أهوى.