حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها: الاستحقاق

صفحة 5 - الجزء 2

  ومن العرب من يفتح اللام الداخلة على الفعل ويقرأ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ}⁣[الأنفال: ٣٣] وللام الجارَّة اثنان وعشرون معنى:

  أحدها: الاستحقاق، وهي الواقعة بين مَعْنَى وذات، نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}⁣[الفاتحة: ٢] وغيرها كثير، و «العزة لله»، و «الملك لله»، و «الأمر الله»، ونحو: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}⁣[المطففون: ١]، و {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ}⁣[البقرة: ١١٤ والمائدة: ٤١]، ومنه «للكافرين النار» أي عذابها.

  والثاني: الاختصاص، نحو: «الجنة للمؤمنين»، و «هذا الحصير للمسجد»، و «المنبر للخطيب»، و «السَّرْج للدابَّة»، و «القميص للعبد»، ونحو {إِنَّ لَهُ أَبًا}⁣[يوسف: ٧٨]، {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}⁣[النساء: ١١]، وقولك: «هذا الشعر لحبيب»، وقولك: «أدم لك ما تدوم لي».


  ابن عصفور فعلى تعلقها بأدعو يلزم عليه أن يكون الفعل عاملاً في ضميرين متصلين أحدهما فاعل والآخر مفعول، وأما على تعلقها بيا كما هو عند ابن جني فلا يلزم ذلك. قوله: (ومن العرب من يفتح الخ) وارد على قوله سابقاً وتكسر لام الجر إذا دخلت على ظاهر إن من جملة الظاهر الفعلي المضارع لأنه اسم ظاهر تأويلاً لأن اللام حينئذ جارة لمصدر مؤول أي مريداً للتعذيب قوله: (الحمد لله) أي: فالحمد معنى والله ذات وحينئذ فما يقرره العلماء من إن لام الله إما للاستحقاق أو لام الملك أو لام الاختصاص خطأ لأنه لا يصح لمن تكون للملك نعم يصح كونها للاختصاص على قول سيأتي للمصنف.

  قوله: (والملك لله) المراد به التملك وقوله والأمر الله أي الإمارة. قوله: (ويل) أي بناء على أن المراد بالويل الهلاك لا بناءً على أن المراد به واد في جهنم إلا أن يقدر مضاف أي عذابه لأجل أن يتحقق أنها وقعت بين معنى وذات اهـ تقرير دردير. قوله: (لهم في الدنيا خزي) فالخزي معنى والضمير في لهم ذات أي مدلوله. ذات. قوله: (ومنه الخ) إنما فصل بمنه عن الأول لأنها في الظاهر وقعت بين ذاتين فقال أي عذابها لتكون واقعة بين معنى وذات، فلما كان كونها للاستحقاق فيه خفاء فصلها عما قبلها قوله: (الاختصاص) أي: وهي الداخلة بين ذاتين لا يصح أن يكون الداخلة عليها اللام منهما مالكة للأخرى سواء صح ملكها لغيرها أم لا كما في الأمثلة المذكورة. قوله (الجنة للمؤمنين) أي: إن لم تقدر نعيم الجنة وإلا فهي حينئذ للاستحقاق. قوله (للعبد) أي: فاللام للاختصاص لا للملك لأن العبد لا يملك إما أصلاً كما هو عند الشافعي أو لكون ملكه ناقصاً فهو كالعدم كما هو مذهب مالك قوله: (إن له أبا) أي: فقد دخلت بين ذاتين ليست إحداهما مالكة.

  قوله: (هذا الشعر لحبيب) الشعر بكسر الشين أي النظم وفيه أنها هنا واقعة بين معنى وذات كما أن الواقعة في أدوم لك كذلك؛ لأن الدوام معنى فهي في هذين المثالين من قبيل التي للاستحقاق.