حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وللام الجارة اثنان وعشرون معنى

صفحة 11 - الجزء 2

  والجماعة يأبون هذا؛ لأنَّ القَسَم إنما يجاب بالجملة، ويروون البيت «لَتُغْنِنَّ» بفتح اللام، ونون التوكيد وذلك على لغة فزارة في حذف آخر الفعل لأجل النُّون إن كان ياء تلي كسرة كقوله [من البسيط]:

  ٣٤٥ - وَابْكِنْ عَيْشاً تَقَضَى بَعْدَ جِدَتِهِ ... طَابَتْ أَصَائِلُهُ فِي ذلك الْبَلَدِ


  قلت للمضيف كفاني من شرب اللبن قال المضيف أحلف بالله حلفة لتشربن جميع ما في الإناء من اللبن لتغني عني أي لتجعل اللبن غنياً عني وفيه إشارة إلى أن اللبن محتاج لمن يشربه فهو إشارة للكرم قوله: (ذا إنائك) أي: صاحب إنائك وصاحب الإناء هو اللبن والإضافة لأدنى ملابسة، وإناء مضاف والكاف مضاف إليه والإضافة لأدنى ملابسة لأن الإناء لرب المنزل لا للضيف فإضافته للضيف لملابسته إياه في شربه منه. قوله: (ذا) يا عل تغني أي ليجعل صاحب إنائك وهو اللبن غنياً عني. قوله: (يأبون هذا) أي: تلقي القسم بلام كي قوله: (إنما يجاب بالجملة) أي: ومدخول كي مفرد تأويلاً لأنه مصدر مؤول من أن والفعل. قوله: (ويروون البيت لتغنن) أصله لتغنين حذفت الياء لالتقاء الساكنين على لغة فزاره، وأما على لغة غيرهم فلا تحذف بل تبقى وتحرك بالفتحة حيث كانت لام الكلمة نحو هل ترمين فإن كانت ضميراً حذفت نحو هل تضرين يا هند. قوله: (وذلك على لغة الخ) جواب عما يقال أن هذه الرواية مشكلة إذ لا وجه لحذف حرف العلة إذ لا جازم هنا. قوله: (وابكن عيشاً الخ) تمامه:

  طابت أصائله في ذلك البلد

  قوله: (وابكن) خطاب لرجل إذ لو كان خطاباً لامرأة كما ذكر الدماميني لم يكن حذف الياء خاصاً بغزارة قوله، وابكن فعل أمر فاعله ضمير المخاطب المستتر وأصله ابكين حذفت لام الفعل وهو الياء لالتقاء الساكنين وغير فزارة يحرك هذه الياء بالفتحة فيقولون ابكين ولا يحذفونها لأنها ليست ضميراً فهي من الفعل كياء اسعين واخشين ولا يحذفون الياء إلا إذا كانت ضميراً كياء اضربي فإذا أكدوا قالوا اضربن وأصله اضربيين حذفت النون لتوالي الأمثال والياء لالتقاء الساكنين ولم يحركوها، وأما فزارة فيحذفون الياء


= اللغة: قدني: اسم بمعنى حسبي، أو اسم فعل مضارع بمعنى يكفيني. حلفة: المرّة من الحلف أي القسم واليمين. تغني عني: تصرف وتكف. ذا إنائك: صاحب وعائك، وهو الشراب أو اللبن.

المعنى: إذا قلت لمضيفي: يكفيني ما شربت حلف عليّ بالله مرّة: لا بد أن تصرف عني كل ما في وعائك، أي أن تشربه جميعاً.

٣٤٥ - التخريج: البيت بلا نسبة في (خزانة الأدب ١١/ ٤٣٥؛ والدرر ٥/ ١٧٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٦١؛ ولسان العرب ١٢/ ٥٥٩ (لوم)؛ والمقرب ٢/ ٧٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ٧٩).

اللغة: تقضى ذهب. جدته: رخاؤه ولينه. الأصائل: جمع الأصيل وهو الوقت الذي تبدأ فيه الشمس بالمغيب.

المعنى: لقد راح زمان اللين والرخاء، فابك على الأوقات الجميلة الطيبة في هذا البلد.