حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

السابع عشر: الصيرورة

صفحة 19 - الجزء 2

  وقوله [من المتقارب]:

  ٣٥٣ - فَإِنْ يَكُن الموْتُ أَفْنَاهُمُ، ... فَلِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ الْوَالِدَهُ

  ويحتمله {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ}⁣[يونس: ٨٨]، ويحتمل أنها لام الدعاء؛ فيكون الفعل مجزوماً لا منصوباً، ومثله في الدعاء: {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا ٢٤}⁣[نوح: ٢٤]، ويؤيده أن في آخر الآية {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا}⁣[يونس: ٨٨].

  وأنكر البصريون ومَنْ تابعهم لامَ العاقبة قال الزمخشري: والتحقيق أنها لام العلة، وأن التعليل فيها وارد على طريق المجاز دون الحقيقة، وبيانه أنه لم يكن داعيهم إلى الالتقاط أن يكون لهم عدوّاً وحَزَناً، بل المحبة والتبني، غير أن ذلك لما كان نتيجةً التقاطهم له وثمرتَه شُبه الداعي الذي يُفْعَل الفعل لأجله؛ فاللام مستعارة لما يشبه


  المساكن الخراب أي عاقبته ذلك.

  قوله (ليضلوا) أي: فضلالهم هذا ما آل أمرهم إلا أن هذا علة في إعطاء المال والأولاد لهم. قوله: (إنها لام الدعاء) أي: عليهم لأن الدعاء أعم من أن يكون عليهم أو لهم.

  قوله: (إنها لام الدعاء) أي: اللهم أضلهم فلام الأمر تأتي للدعاء عليهم كما إن لا الناهية تأتي للدعاء عليهم. قوله: (ويؤيده) أي: يؤيد كون اللام للدعاء عليهم، قوله ربنا الخ. قوله: (إنه لم يكن داعيهم) أي: الباعث لهم على الالتقاط. قوله: (لما كان) أي: ما ذكر من العداوة والحزن. قوله: (شبه بالداعي) أي: شبه العداوة والحزن الكليين من حيث ترتبهم على شيء، وقوله بالداعي أي بالمحبة الكلية. قوله: (لما يشبه) وهو الترتب الجزئي غير التعليل، وحاصل تقرير الاستعارة أنه شبه ترتب نحو العداوة والحزن على نحو الالتقاط بترتب نحو المحبة والتبني على نحو الالتقاط بجامع الترتب في كل فسرى التشبيه للترتبين الجزئيين فشبه ترتب العداوة والحزن الجزئيين بترتب المحبة الجزئية


اللغة: تغذو: تطعم وترضع. السخال: جمع سخلة وهي الصغيرة من الضأن، ذكراً كان أم أنثى.

المعنى: ترضع الأمهات أبناءها وهن يعرفن أنهن سائرات للموت، كما أن من يبني الدور يدرك تماماً أنها ستؤول إلى الخراب.

٣٥٣ - التخريج: البيت لنهيكة بن الحارث المازني أو لشتيم بن خويلد في (خزانة الأدب ٩/ ٥٣٠، ٥٣٣، ٥٣٤؛ ولشتيم أو لسماك بن عمرو في لسان العرب ١٢/ ٥٦٢ (لوم)؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢/ ٥٧٢؛ وراجع خزانة الأدب ٩/ ٥٣٣ (الحاشية).

المعنى: فإذا مات الناس، وأهلكهم الموت، فالأمهات تلد أبناءها وهن يعرفن أنهن صائرون للموت.