حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

فصل قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي، فترد لثمانية معان

صفحة 58 - الجزء 1

  فالجمهور يكتبونها بالألف، وكذا رُسِمَتْ في المصاحف، والمازني والمبرد بالنون؛ وعن الفراء إن عمِلَتْ كُتبت بالألف، وإلا كتبت بالنون للفرق بينهما وبين «إذا» وتبعه ابن خروف.

  المسألة الرابعة: في عملها، وهو نصبُ المضارع، بشرط تصديرها، واستقباله، واتصالهما أو انفصالهما بالقسم أو بـ «لا» النافية، يقال: «آتيك»، فتقول: «إِذَنْ أكْرِمَكَ»، ولو قلت: «أنا إذن»، قلت: «أكرمُكَ» بالرفع، لِفَواتِ التصدير، فأما قوله [من الرجز]:

  ٢١ - لا تَتْرُكَنِّي فِيهِمُ شَطِيرًا ... إِنِّي إِذا أَهْلِكَ أَوْ أَطِيرًا

  فمُؤَوَّل على حذف خبر «إنّ» أي: إني لا أقدرُ على ذلك، ثم استأنف ما بعده، ولو قلت: «إذاً يا عبد الله»، قُلْت: «أُكْرِمُكَ» بالرفع، للفصل بغير ما ذكرنا، وأجاز ابن


  داع إلى تشبيهها بالنون الزائدة عن بنية الكلمة. قوله: (وهو نصب المضارع) أي: بناء على مذهب الجمهور من أنها هي الناصبة له بنفسها إلا أن بعدها قوله: (تصديرها) أي: كونها مصدرة أي واقعة في صدر الكلام وأوله بحيث لم يسبق عليها شيء مما له ارتباط بما بعدها. قوله: (إذن أكرمك) بالنصب لاجتماع الشروط قوله (لفوات التصدير) أي: بسبب وقوعها حشواً واعتماد ما بعدها على ما قبلها، وإنما لم تعمل معتمداً ما بعدها ما قبلها؛ لأن الواقع بعدها ثابت لما قبلها قبل مجيئها ومجيئها في مثله لغرض معين، وهو كونها جواباً لما قبلها يحصل بلفظها مع بقاء المعنى الأول فبقي كما كان عليه قبل مجيئها إيذاناً ببقاء المعنى وكراهة أن يتوهم تغيير المعنى فيه بسببها، بخلاف قولك زيد لن أكرمه وشبهه فإنه ليس كذلك، وقال بعضهم إنما لم تعمل في حالة الاعتماد لضعفها بسبب وقوعها حشواً قوله: (شطيراً) أي: غريباً قوله: (أهلك) بكسر اللام مضارع هلك بفتحها قال تعالى: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ}⁣[الأنفال: ٤٢] وهذا البيت يرد نقضاً على اشتراط التصدير، فإنه أعملها في البيت مع كون ما بعدها معتمداً على ما قبلها إذ هو خبر وأجاب عنه بقوله فمؤول الخ. قول: (ثم استأنف ما بعده) أي: فما بعده مقطوع عما قبله، وإن كان جواباً لشرط مقدر. قوله: (ثم استأنف ما بعده) أي: فجاء النصب لتحقق شرطه قوله: (للفصل بغير ما ذكرنا) أي: وهو النداء. قوله: (الفصل بالظرف) أي: للتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره.


٢١ - التخريج: الرجز بلا نسبة في (الإنصاف ١/ ١٧٧؛ والجنى الداني ص ٣٦٢؛ وخزانة الأدب ٨/ ٤٥٦، ٤٦٠؛ والدرر ٤/ ٧٢؛ ورصف المباني ص ٦٦؛ وشرح الأشموني ٣/ ٥٥٤؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٣٤؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٧٠؛ وشرح المفصل ٧/ ١٧؛ ولسان العرب ٤/ ٤٠٨ (شطر)؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٨٣؛ والمقرب ١/ ٢٦١؛ وهمع الهوامع ٢/ ٧).

شرح المفردات الشطير: البعيد والغريب أهلك: أموت. أطير: أذهب بعيداً.