فصل قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي، فترد لثمانية معان
  نحو أن يقال: آتيك، فتقول: «إذن أُكْرِمك» أي: إن أتيتني إذن أكرمك، وقال الله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[المؤمنون: ٩١]. قال الفراء: حيث جاءَتْ بعدها اللام فقبلها «لو» مقدرة، إن لم تكن ظاهِرَة.
  المسألة الثالثة: في لفظها عند الوقف عليها، والصحيح أن نونها تبدل ألفاً، تشبيهاً لها بتنوين المنصوب، وقيل: يُوقف بالنون، لأنّها كنون «لَنْ» و «إنْ»؛ ورُوي عن المازني والمبرد، ويَنْبني على الخلاف في الوقف عليها خلاف في كتابتها،
  فيحسن الاستشهاد به لما نحن فيه ولكن كان الاستشهاد بقوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ}[الإسراء: ١٠٠] أولي لأمرين أحدهما الجري على عادة المصنف من الاستشهاد بالقرآن ما أمكنه والثاني أن الواقع في الآية هو الجواب وفي البيت بدله.
  واعلم أن كون إذن لقام بدل من تستبح من حيث أن الثاني وهو القيام بالنصر مرتبط بعدم الاستباحة لا من حيث أن الأول مرتبط بالثاني إذ لا ارتباط أصلاً اهـ تأمل، وفيه أن الارتباط نسبة بين الطرفين يلزم من وجودها في أحدهما وجودها في الآخر فالحق أن البدل لا يصح تأمل قوله: (أي إن أتيتني) إنما قدر المصنف الجواب ليظهر أن ما بعدها جواب له من حيث المعنى ومثل ذلك لا يخرجها عن الصدارة ولا يبطل عملها، فإن المبطل هو تعلق ما بعدها بما قبلها صناعة لا معنى قوله: (وما كان معه من إله إذا لذهب الخ) أي: فالتقدير ولو كان معه آلهة إذاً لذهب الخ. قوله: (فقبلها لو مقدرة إن لم تكن ظاهرة) وقال المرادي: الظاهر أن اللام جواب قسم مقدر قبل إذن. قوله: (والصحيح) الواو للاستئناف وقوله إن نونها تبدل ألفاً أي: عند الوقف. قوله (لأنها كنون أن ولن) أي: وليس تنويناً إذ لا يدخل في الحروف.
  قوله: (والمازني والمبرد بالنون) أي: على مقتضى قولهما في الوقف وهذا في غير المصحف لاتفاقهم على رسمها فيه بالألف، ويوقف بالنون وخطان لا ينقاسان خط العروضي وخط المصحف العثماني وعن المبرد أشتهي أن تكون يد من يكتب إذن بالألف؛ لأنها مثل أن ولن ولا يدخل التنوين في الحروف فالنون من أصل الكلمة، فأي
= اللغة: تستبيح: تستحلّ، تجعلها مباحة أو حلالاً مازن وبنو اللقيطة، أو (بنو الشقيقة - كما في بعض الروايات): قبيلتان عربيتان؛ وكذلك ذهل بن شيبان خشن: جمع خَشِن وأخشن وهو القاسي. الحفيظة: الغضب والثورة. ذو لوثة: صاحب ضعف. لان مال وخضع.
المعنى: لو كنت من قبيلة مازن لم يجعل بنو اللقيطة من ذهل بن شيبان إبلي مباحة لهم، ولقام بحمايتي والغضب من أجلي قوم قساة عندما يقتضي الموقف قسوتهم، حتى لو خضع الضعفاء من غيرهم.