تنبيه - الظاهر أن «لها» من قول المتنبي [من البسيط]:
  وحَصى»، ويكون «لها» فاعلاً بـ «وجدت»، و «المنايا» مضافاً إليه، ويكون إثبات اللهوات للمنايا استعارة، شبهت بشيء يبتلع الناس، ويكون أقام «اللَّهَا» مقام الأفواه لمجاورة اللهوات للفم.
  وأما اللام العاملة للجزم فهي اللام الموضوعة للطلب، وحركتها الكسر، وسليم تفتحها، وإسكانها بعد الفاء والواو أكثر من تحريكها، نحو: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي}[البقرة: ١٨٦]، وقد تُسَكِّن بعد «ثم»، نحو: {ثُمَّ لْيَقْضُوا}[الحج: ٢٩] في قراءة الكوفيين وقالون والبزي، وفي ذلك رد على من قال: إنه خاص بالشعر.
  ولا فرق في اقتضاء اللام الطلبيّة للجزم بين كَوْنِ الطلب أمراً، نحو: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ}[الطلاق: ٧]، أو دعاء، نحو: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}[الزخرف: ٧٧]، أو التماساً كقولك لمن يساويك: «ليَفْعَلْ فُلانٌ كَذَا»، إذا لم تُرِد الاستعلاء عليه. وكذا لو أخرجت عن الطلب إلى غيره، كالتي يراد بها وبمصحوبها الخبر نحو: {مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا}[مريم: ٧٥]، {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ}[العنكبوت: ١٢]،
  تخييل، ثم إن اللهوات متجوز بها عن الأفواه لعلاقة المجاورة ففي الكلام مجاز مرسل واستعارتان مكنية وتخييلية قوله: (الموضوعة للطلب) أي: سواء استعملت فيه أو في غيره كالخبر والتهديد مجازاً كما يأتي. قوله: (وحركتها الكسر) حملاً لها على لام الجر لأنها في الأفعال نظيرتها في الأسماء اختصاصاً وعملاً بالعمل الخاص، فإن قلت لام الجر تفتح مع المضمر كما هو الأصل في كل حرف واحد فلم لا تفتح لام الأمر حملاً على لام الجر في هذه الحالة الأصلية والجواب أن المضارع يشبه الاسم الظاهر ألا ترى أنه يشبه باسم الفاعل باعتبار التوافق في الحركات والسكنات فعوملت معاملة لام الجر حيث تدخل على الاسم الظاهر قضاء لحق المشابهة.
  قوله: (وإسكانها الخ) أي: للتخفيف حملاً على قولهم في كَتِف كتف بسكون التاء فنزلوا الواو والفاء منزلة فاء فعل واللام بعدها منزلة عينه فأبدلوا كسرتها بسكون كما فعلوا ذلك في الضمير معهما نحو فهي وهو وقد تلحق بهما ثم على قلة في البابين. قوله: (نحو فليستجيبوا لي الخ) قرأ بإسكان اللامين قالون وأبو عمرو والكسائي وقرأ بكسرهما الباقون. قوله: (وفي ذلك) أي: ما ذكر من القراءة قوله: (إنه) أي: سكونها. قوله: (الطلبية) أي: الدالة على الطلب وقوله بين كون الطلب أي المدلول عليه بها. قوله: (إذا لم ترد الاستعلاء عليه) أي: وإلا كان أمراً.
  قوله: (كالتي يراد بها وبمصحوبها الخبر) أي: سبيل المجاز المرسل لأن الخبر ضد الإنشاء والتهديد يتسبب عن الأمر في الجملة أعني لمن لا يمتثل. قوله: (ولنحمل) أي: ونحن نحمل الخ.