فصل
٣٨١ - إِنِ الْحَقُّ لَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ، ... وَإِنْ هُوَ لَمْ يَعْدَمْ خِلَافَ مُعَانِدِ
وزعم أبو علي وأبو الفتح وجماعة أنَّها لام غير لام الابتداء، اجتلبت للفرق.
قال أبو الفتح: قال لي أبو علي ظننتُ أن فلاناً نحويٌّ مُحْسن، حتى سمعته يقول: إن اللام التي تصحب «إن» الخفيفة هي لام الابتداء، فقلت له: أكثر نحويي بغداد على هذا، اهـ.
وحجّة أبي علي دخولها على الماضي المتصرف، نحو: «إِن زَيْدٌ لَقَامَ»، وعلى منصوب الفعل المؤخّر عن ناصبه في نحو: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ١٠٢}[الأعراف: ١٠٢]، وكلاهما لا يجوز المشدّدة.
وزعم الكوفيون أن اللام في ذلك كله بمعنى «إلا»، وأن «إنْ» قبلها نافية، واستدلوا على مجيء اللام للاستثناء بقوله [من البسيط]:
٣٨٢ - أمْسى أبَانُ ذَلِيلاً بَعْدَ عِزَّتِهِ، ... وَمَا أَبَانُ لَمِنْ أَعْلاج سُودَانِ
قوله: (هي لام الابتداء) أي: فقلت إنه لا يحسن النحو وقوله فقلت له هذا من كلام ابن جني رداً على شيخه أبي علي. قوله (على هذا) أي: على أنها للابتداء وهذا الشخص تبعهم فلا يعترض عليه.
قوله: (أكثرهم لفاسقين) أي: فلو كانت للابتداء لما دخلت على المفعول الثاني بل على الأول ولم تدخل على الفعل المتصرف الماضي كما تقدم عن الجمهور. قوله: (وزعم الكوفيون) هذا قول ثالث قوله: (للاستثناء) أي: بمعنى إلا ووجه الدلالة أنهم إذا أرادوا الحضر أتوا بالنفي وإلا فعلم أن إن نافية واللام بمعنى إلا. قوله: (أبان) اسم رجل يصرف إن كانت همزته أصلية على وزن فعال فالهمزة النون أصلان ويمنع إن كانت همزته زائدة والنون أصلية لوزن الفعل لأنه موازن لأفعل وأصله أبين. قوله: (لمن أعلاج) أي: إلا من أعلاج جمع علج وهو الرجل من كفار العجم ويجمع على علوج وقوله سودان أسود كعميان جمع أعمى، وقال الفراء جمع الجمع فسودان جمع سود وسود جمع
٣٨١ - التخريج البيت بلا نسبة في (شرح الأشموني ١/ ١٤٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٠٤).
المعنى: الحق واضح لا يخفى على عاقل، ولكنه لا بد أن يجد من يكابر ويعاند مدعياً خلافه وضده.
٣٨٢ - التخريج: البيت بلا نسبة في (جواهر الأدب ص ٨٨؛ والدرر ٢/ ١٨٩؛ وشرح الأشموني ١/ ١٤١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٠٤؛ وهمع الهوامع ١/ ١٤١).
اللغة: أبان: اسم رجل الأعلاج: جمع علج وهو الرجل الشديد الغليظ.
المعنى: لقد صار أبان مهاناً بعدما كان عزيز الجانب، ذا مكانة عالية، وفي الحقيقة هو من غلاظ السودان، فلا عجب في كونه مهاناً.