حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القسم الثاني: اللام الزائدة

صفحة 65 - الجزء 2

  على أنَّ الأصل: «لكن إنني»، فحذفت همزة «إِنَّ» للتخفيف، ونون «لكن» لذلك لثقل اجتماع الأمثال، وعلى أن «ما» في قوله [من البسيط]:

  [أمْسَى أَبَانُ ذَليلاً بَعْدَ عِزَّتِهِ ... وَمَا أَبَانُ لَمن أعلاج سُودَانِ

  أستفهام، وتمَّ الكلام عند «أبان» ثم ابتداء: لمن أعلاج، أي بتقدير: لهو من أعلاج، وقيل: هي لام زيدت في خبر «ما» النافية، وهذا المعنى عكس المعنى على القولين السابقين.

  ومما زيدَتْ فيه أيضاً خبرُ زَال في قوله [من الطويل]:

  ٣٨٤ - وَمَا زِلْتُ مِنْ لَيْلَى، لَدُنْ أَنْ عَرَفْتُهَا، ... لَكَالْهَائِمِ الْمُقْصَى بِكُلِّ مَرَادِ

  وفي المفعول الثاني لـ «أرى» في قول بعضهم «أراك لَشاتِمي»، ونحو ذلك. قيل: وفي مفعول «يدعو» من قوله تعالى: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ}⁣[الحج: ١٣] وهذا مردود، لأنَّ زيادة هذه اللام في غاية الشذوذ فلا يليق تخريج التنزيل عليه. ومجموع ما قيل في اللام في هذه الآية قولان: أحدهما هذا، وهو أنها زائدة، وقد بينا


  كلامه الآتي وفيه تشويش للفكر لأن المتبادر إن المراد باللامين لام لكنني ولام إلا أنهم ليأكلون وأيضاً إنشاد البيت الآتي في القسم الأول ثم يذكر هنا فيه تشويش لأنه لم يتكلم على أن اللام في قوله لمن أعلاج زائدة، وإنما ذكره بعد قوله: (وعلى إن) عطف على أن الأصل. قوله: (ثم ابتداء لمن أعلاج) أي: فاللام داخلة على مبتدأ مقدر. قوله: (وقيل هي) أي: لام لمن أعلاج قوله (وهذا المعنى عكس المعنى) أي: لأن المعنى على القول الأول ما أبان إلا من أعلاج سودان والمعنى على القول الثاني لهو من أعلاج سودان فالمعنى على الإثبات عليهما، وأما على القول الثالث فينفي كونه من أعلاج سودان ويمكن التوفيق بين المعنيين بأن الإثبات مبني على أن المراد الأعلاج الصغار والنفي على أن المراد الأعلاج العظام فاجتمع الإثبات والنفي قوله: (على القولين) وهما القول الأول


٣٨٤ - التخريج: البيت لكثير عزة في (ديوانه ص ٤٤٣؛ وتذكرة النحاة ص ٤٢٩؛ وجواهر الأدب ص ٨٧؛ وخزانة الأدب ١٠/ ٣٢٨؛ والدرر ٢/ ١٨٨؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٠٥؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٢٤٩؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٣٥٧؛ وشرح الأشموني ١/ ١٤١؛ وهمع الهوامع ١/ ١٤١).

اللغة: لدن ظرف زمان بمعنى (مذ) أو (عند). الهائم: السائر على غير هدى. المقصى: المبعد. المراد مكان يسار فيه ذهاباً وإياباً.

المعنى: لقد صرت مذ عرفتها وحتى اليوم، منفرداً، أجول وحدي في البراري، كالبعير المصاب يُبعد عن القطيع فيقطع الأرض ذهاباً وإياباً بلا فائدة.