حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القسم الثاني: اللام الزائدة

صفحة 90 - الجزء 2

  المعنى؛ لأن المعنى: فلا فَكَ رقبة ولا أطعم مسكيناً؛ لأنَّ ذلك تفسير للعقبة، قاله الزمخشري. وقال الزجاج: إنَّما جاز {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}⁣[البلد: ١٧] معطوف عليه وداخل في النفي. فكأنه قيل: فلا اقتحم ولا آمن، انتهى. ولو صح لجاز «لا أكل زيد وشرب». وقال بعضهم: «لا» دعائية، دُعاء عليه أن لا يفعل خيراً، وقال آخر: تخضيض، والأصل فألا اقتحم، ثم حذفت الهمزة، وهو ضعيف.

  وكذلك يجب تكرارها إذا دخلت على مفردِ خبر أو صفة أو حال، نحو: «زيد لا شاعرٌ ولا كاتب»، و «جاءَ زيد لا ضاحكاً ولا باكياً»، ونحو: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ}⁣[البقرة: ٦٨]، {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ٤٣ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ٤٤}⁣[الواقعة: ٤٣ - ٤٤]، {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ٣٢ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ}⁣[الواقعة: ٣٢ - ٣٣] {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ}⁣[النور: ٣٥].


  قوله: (لأن ذلك تفسير للعقبة) أي: أن العقبة هي فك الرقبة والإطعام ومعنى قوله: فلا اقتحم العقبة أي: لا ارتكب العقبة وهي الفك والإطعام هذا ظاهره هنا وهو يخالف قوله: لأن المعنى فلا فك الخ فيفيد إن اقتحم العقبة معناه فك الرقبة، والجواب أن قوله تفسير للعقبة أي: لاقتحام العقبة، وحاصل ما قاله الزمخشري أن الفعل المنفي في قوة فعلين منفيين والتكرار معنى وأما الزجاج فيقول أنه من باب عطف فعل منفي على مثله فالتكرار معنوي اتفاقاً. قوله: (إنما جاز) أي ترك التكرار في فلا اقتحم قوله: (لأن ثم كان من الذين آمنوا الخ) أي: فهو من عطف فعل على فعل منفي بخلافه على الأول، فإن عليه الفعل المنفي في المعنى بمعنى فعلين فهي مكررة معنى عليهما. قوله: (فكأنه قيل) أي: فهي مكررة في المعنى أيضاً. قوله: (ولو صح) أي: ما ذكر من كل من الكلامين ولا نرجعه لكلام الزجاج فقط، وإن كان هو المتبادر؛ لأنه كما يرد على مذهب الزجاج يرد على كلام الزمخشري بجامع أن التكرار اللفظي منتف فيهما والتكرار المعنوي متأت. قوله: (ولو صح لجاز) أي: ولو صح ما قاله الزجاج من أن العطف على المنفي يكفي لجاز قوله لا أكل زيد وشرب، فإن شرب عطف على أكل فالتكرار معنوي مع أن هذا لا يكفي التكرار، أي: وأما كلام الزمخشري فمسلم هكذا كلام المصنف، والحق أن كلام الزمخشري بعيد؛ لأن كون الشيء الواحد في قوة شيئين لا يكفي.

  قوله: (لا دعائية) أي: والذي يجب تكرارها لا النافية المحضة، وأما النافية التي في المعنى للدعاء، فلا تكرر؛ لأن الدعاء مستقبل فالفعل ماض لفظاً لا تقديراً. قوله: (لا دعائية) قال الدماميني: هذا وجه ظاهر الحسن لا غبار عليه فكان الأولى تقديمه على غيره من الأقوال التي ساقها اهـ كلامه قوله: (وهو ضعيف) أي: لما يلزم عليه من حذف بعض الحروف لا لمقتض اهـ دماميني قوله: (ونحو إنها بقرة لا فارض الخ) عدد الأمثلة؛ لأن الأول لم يفصل بين الصفة والموصوف والثاني فصل بصفة معنوية وهي من