أحدهما في حقيقتها
  أحدهما في حقيقتها، وفي ذلك ثلاثة مذاهب:
  أحدها: أنها كلمة واحدة فعل ماض، ثم اختلف هؤلاء على قولين، أحدهما: أنها في الأصل بمعنى نَقص، من قوله تعالى: {لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا}[الحجرات: ١٤] فإنه يقال: «لاَتَ يَلِيتُ»، كما يقال: «أَلَتَ يَأْلت»، وقد قُراء بهما، ثم استعملت للنفي كما أن «قَلَّ» كذلك، قاله أبو ذر الخشني. والثاني: أنَّ أصلها «لَيسَ» بكسر الياء، فقلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأبدلت السين تاء. والمذهب الثاني: أنها كلمتان «لا» النافية، والتاء لتأنيث اللفظة كما في «ثُمَّتَ» و «رُبَّتَ»، وإنما وجب تحريكها لالتقاء الساكنين، قاله الجمهور.
  والثالث: أنها كلمة وبعض كلمة، وذلك أنها «لا» النافية والتاء زائدة في أول
  قوله: (لا يلتكم) أي: لا ينقصكم فلا نافية ويلت مجزوم بإن من قوله: وإن تطيعوا الله وحذف الياء لالتقاء الساكنين. قوله: (وقد قراء بهما) أي: بيلت من لا يلتكم وبيألت في قراءة لا يألتكم. قوله: (ثم استعملت الخ) أي: فمعنى ولات حين أي لا حين أصلاً. قوله: (كما أن قل كذلك) أي: فمعناها في الأصل نقص، ثم استعملت في النفي، فإذا قلت قل رجل يأتيني أي: لا رجل يأتيني فهي معناها النفي فلذا كان لا فاعل لها. قوله: (وأبدلت السين تاء) أي: إبدالاً شذوذياً كما في ست أصله سدس بدليل سادس فأدغمت الدال في تاء الإبدال. قوله: (كلمتان) أي: لأن تاء التأنيث وياء النسب الأصل كلمة مستقلة ثم صارت كالجزء مما هي فيه فكان عليها إعرابه وبناؤه قوله: (لتأنيث اللفظة) أي: فقبل التاء يقال رب جرت الاسم وجر الاسم على إرادة اللفظ واللفظة وكذا يقال ثم عطفت الاسم وعطف الاسم وبعد دخولها يتعين التأنيث بحيث يقال ربت جرت كذا في الدماميني، والظاهر الجواز أيضاً بعد دخول التاء؛ لأنه ليس تأنيثاً حقيقياً ولما ضعفت فائدة تأنيث اللفظ، قال الرضي: التاء زائدة للمبالغة في النفي كما في علامة ونسابة فإنها للمبالغة في الإثبات قوله: (وإنما وجب تحريكها) أي: تاء التأنيث مع أن الأصل سكونها. قوله (في أول الحين) أي: في أول الاسم الدال على الحين والزمان، أي: فهذا القول يقول إن لات لم توجد أصلاً، وإنما التاء تزاد في أول الحين التي تدخل عليه لا للنافية والموجود لا لالات وهذا قول ضعيف إذ الموجود في اللغة، ولات وحين وليس فيها تحين بزيادة التاء في الحين وأيضاً تقول لات أوان ولات ساعة، ولا يقال تأوان وتساعة ومما يتمسك به على زيادة التاء في أول الحين قوله:
  العاطفون تحين ما من عاطف ... والمطعمون تحين ما من مطعم
  قال ابن مالك وتخريجه أن المراد حين لات حين ما من مطعم فحذف حين مع لا وهذا أولى من قول من قال أراد العاطفونه بهاء السكت، ثم أثبتها وأبدلها تاء وصلاً فلا