تنبيه - قرأ جماعة {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا}
  عليه الصلاة والسلام وإلا فأنتفاء الأمر أعم من النهي والسكوت، والمراد الأول وهي الحالة التي يكون بها البشر متناقضاً؛ لأن نهيه عن عبادتهم لكونهم مخلوقين لا يستحقون أن يُعْبَدوا، وهو شريكهم في كونه مخلوقاً، فكيف يأمرهم بعبادته؟ والخطاب في {وَلَا يَأْمُرَكُمْ} على القراءتين التفات.
  تنبيه - قرأ جماعة {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا}[الأنفال: ٢٥] وخرجها أبو الفتح على حذف ألف {لَا} تخفيفاً، كما قالوا: «أمَ واللَّه»، ولم يجمع بين القراءتين بأن تقدر {لَا} في قراءة الجماعة زائدة، لأن التوكيد بالنون يأبى ذلك.
  ***
· (لات): اختلف فيها في أمرين:
  أمرهم بالعبادة؛ لأن السكوت عن الأمر بالفعل مع إقراره أمر به. قوله: (وإلا) أي: وإلا نقل فسر بذلك لأنها حالته عند رؤية المنكر فلا يصح تفسير عدم الأمر بالنهي؛ لأنه تفسير للشيء بما هو أخص منه. قوله: (والسكوت) أي: أعم من كل منهما. قوله: (والمراد) أي: من عدم الأمر بالعبادة الأول وهو النهي عن العبادة للملائكة. قوله: (وهي الحالة) أي: حال النهي عن عبادة الملائكة والنبيين. قوله: (وهي الحالة الخ) أي: وأما سكوته عن عبادة الملائكة بالمرة وهي الحالة الثانية فلا تناقص أمره بعبادة نفسه. قوله: (متناقضاً) أي: مع الحالة الأولى وهي الأمر بعبادة نفسه فالتناقض بين نهيه عن عبادة الملائكة والنبيين وبين أمره بعبادة نفسه. قوله: (فكيف يأمرهم) أي: فكيف يجمع بين النهي عن عبادة غيره من المخلوقين وبين الأمر بعبادة نفسه كونه مخلوقاً هذا مع جمع بين متنافيين. قوله: (التفات) أي: من الغيبة إلى الخطاب والأصل ولا يأمرهم، أي: الناس، وقوله: على القراءتين أي: قراءة الرفع والنصب. قوله: (على حذف الخ) أي: فآل الأمر إلى أن معنى القراءتين نهى بدليل التوكيد بالنون أو معناهما النفي قوله: (أم والله) أصلها أما والله وهي أداة استفتاح. قوله: (ولم يجمع الخ) حاصله أننا لا نجمع بينهما بجعل لا في قراءة الجماعة زائدة، ويكون معنى القراءتين اثباتاً؛ لأن التوكيد بالنون لا يكون إلا في النهي أو في النفي وأما في الإثبات فلا تؤكد بالنون. قوله: (ولم يجمع) أي: أبو الفتح، أي: أن أبا بالفتح جمع بينهما بحمل لتصيبن على لا تصيبن ويكون معناهما نفياً أو نهياً ولم يجمع بحمل لا تصيبن على لتصيبن بأن يجعل القراءتين إثباتاً.
  قوله: (بأن تقدر لا في قراءة الجماعة زائدة) أي: واللام للتوطئة فتجتمع القراءتان على الثبوت لا على النفي أو النهي كما جمع به أو قوله: (لأن التوكيد بالنون يأبى ذلك) أي: لأن التوكيد لا يكون مع الزائدة بل مع الناهية أو النافية تشبيهاً بالناهية بجامع العدم.
  (لات) قوله: (في أمرين) أي: وفي كل أمر ثلاثة أقوال وكان عليه أن يقول ثلاثة أمور إذ الأمر الثالث الذي تعمل فيه هل هو خصوص الحين أو هو وما رادفه.