حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لو) على خسمة أوجه:

صفحة 177 - الجزء 2

  أنموذجه، وكلاهما دعوى بلا دليل قيل: ولو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ٢٦}⁣[مريم: ٢٦]، ولكان ذكر «الأبد» في: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا}⁣[البقرة: ٩٥] تكراراً، والأصل عدمُه.

  وتأتي للدعاء كما أتت «لا» لذلك وفاقاً لجماعة منهم ابن عصفور؛ والحجة في قوله [من الخفيف]:

  ٤٦٣ - لَنْ تَزَالُوا كَذَالكُمْ ثُمَّ لَا زِلْتُ ... لَكُمْ خَالِداً خُلُودَ الْجِبَالِ

  وأما قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ١٧}⁣[القصص: ١٧] فقيل: ليس منه، لأن فعل الدُّعاء لا يسند إلى المتكلم، بل إلى المخاطب أو الغائب، نحو: «يا رب لا عَذَّبْتَ فلاناً»، ونحو: «لا عَذَّبَ اللَّهُ عَمْراً» اهـ. ويرده قوله:

  [لن تزالوا كذلكم] ثم لا زلت ... لكُمْ خَالِداً خلود الجِبَالِ

  وتلقي القسم بها وبـ «لم» نادر جداً، كقول أبي طالب [من الكامل]:


  اعتقاده الفاسد من المولى لا يرى في الجنة أصلاً واستدل بقوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي}⁣[الأعراف: ١٤٣]. قوله: (لم يقيد الخ) أي: لما يلزم على التقييد به من التناقض بين التأبيد واليوم وإنما عبر المصنف بقيل إشارة؛ لأنه يمكن الجواب عنه بأنه يقول أنها تفيد التأييد إذا لم يكن قرينة كاليوم كما هنا، وإلا فلا تكون له وعن الثاني بأن التكرار يقع في البلاغة تأكيداً بكثرة اهـ تقرير دردير قوله: (كما أتت لا كذلك) نحو لا تؤاخذنا. قوله: (كذلكم) أي: على ما أنتم عليه من الخير والبركة، وقوله: ثم لا زلت الخ كناية عن عائده بطول عمره، والشاهد في قوله: لن تزالوا وفي قوله: ثم لازلت لكم الخ. قوله: (ثم لا زالت الخ) من بحر الخفيف وآخر صدره اللام الساكنة، وقد يقال لا يقوم بهذا البيت حجة لاحتمال أن يكون لن تزالوا كذلكم خبر الإدعاء ولا يعينه كون المعطوف بثم دعاء بناء على جواز عطف الإنشاء على الخبر اهـ. دماميني. والحق أن احتمال الخبرية بعيد. قوله: (فقيل ليس منه) أي: بل المعنى يا رب بسبب إنعامك عليَّ لم أكن ظهيراً للمجرمين فهو إخبار لا دعاء قوله: (ويرده الخ) أي وحينئذ فالآية من قبيل الدعاء والمعنى يا رب بسبب إنعامك عليّ لا تجعلني ظهيراً للمجرمين قوله: (وتلقى القسم الخ) أي: وقوعهما في صدر جوابه. قوله: (كقول أبي طالب) أي: للنبي .


٤٦٣ - التخريج: البيت للأعشى في (ديوانه ص ٦٣؛ والدرر ٢/ ٤٢، ٤/ ٦٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٨٤؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٦٨؛ وشرح الأشموني ٣/ ٥٤٨؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٣٠؛ وهمع الهوامع ١/ ١١١، ٢/ ٤).

المعنى: إنهم خاضعون ذلك ذاكرون لفضلك أطال الله في عمرك وعمري.