حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لكن) ساكنة النون

صفحة 196 - الجزء 2

  ويجوز أن تستعمل بالواو، نحو: {وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ٧٦}⁣[الزخرف: ٧٦] وبدونها، نحو قول زهير [من البسيط]:

  ٤٨٥ - إِنَّ ابْنَ وَرْقَاءَ لَا تُخْشَى بَوَادِرُهُ ... لَكن وَقَائِعُهُ فِي الْحَرْبِ تُنْتَظَرُ

  وزعم ابن أبي الربيع أنها حين اقترانها بالواو عاطفة جملة على جملة، وأنه ظاهرُ قول سيبويه؛ وإن وليها مفرد فهي عاطفة بشرطين:

  أحدهما: أن يتقدمها نفي أو نَهْي، نحو: «ما قام زيد لكن عمرو»، و «لا يقم زيد لكن عمرو»، فإن قلت «قام زيد» ثم جئت بـ «لكن» جعلتها حرف ابتداء فجئت بالجملة فقلت: «لكن عمرو لم يقم»، وأجاز الكوفيون «لكن عمرو» على العطف، وليس بمسموع.

  الشرط الثاني: أن لا تقترن بالواو، قاله الفارسي وأكثر النحويين، وقال قوم: لا تستعمل مع المفرد إلا بالواو.

  واختلف في نحو: «ما قام زيد ولكن عمرو» على أربعة أقوال: أحدها ليونس:


  قوله: (ويجوز أن تستعمل بالواو) أي وتكون الواو وهي العاطفة فلكن ليست عاطفة أصلاً متى وليها جملة دخلت عليها الواو أم لا خلافاً لابن أبي الربيع القائل أنها هي العاطفة.

  قوله: (بوادره) جمع بادرة وهي ما يسبق أمام الغضب من الحدة يقال أخشى عليك بادرته. قوله: (لكن وقائعه) جمع واقعة وهي القتال قوله: (وأنه ظاهر) أي: وزعم أنه ظاهر قوله: (وإن وليها مفرد) مقابل لقوله: فإن وليها كلام قوله: (فجئت) أي: فتأتي بالجملة فتقول لكن عمرو لم يقم ولا يجوز أن تأتي بالمفرد لئلا يلزم عطفها للمفرد من غير أن تكون والية للنفي أو النهي قوله: (وأجاز الكوفيون الخ) أي: فجوزوا إيلاءها الخبر المثبت. قوله: (وقال قوم) مقابل لما قبله قوله: (لا) تستعمل) أي: عاطفة المفرد


٤٨٥ - التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في (ديوانه ص ٣٠٦؛ والجنى الداني ص ٥٨٩ والدرر ٦/ ١٤٤؛ وشرح التصريح ٢/ ١٤٧؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٠٣؛ واللمع ص ١٠٨؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٧٨؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٢٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣٧).

شرح المفردات: البوادر: ج «البادرة»، وهي ما يظهر من الإنسان من خطأ أو نحوه في ساعة الغضب. الوقائع: ج الوقيعة، وهي إنزال الشرّ بالعدو.

المعنى: يقول: إنّ ابن ورقاء رجل يسيطر على نفسه ساعة غضبه، أو لا يخون؛ ولكن إنزاله الشر بالأعداء أمر مرتقب ومتوقع.