حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (ليس): كلمة دالة على نفي الحال

صفحة 198 - الجزء 2

  اللَّهُ مِثْلَهُ»، وقول الأعشى [من الطويل]:

  ٤٨٦ - لَهُ نَافِلاَتٌ مَا يُغِبْ نَوَالُهَا ... وَلَيْسَ عَطَاءُ الْيَوْمِ مَانِعَهُ غَدَا

  وهي فعل لا يتصرف، وزنه «فِعَلَ بالكسر، ثم التزم تخفيفه، ولم نقدره «فَعِلَ» بالفتح لأنه لا يخفف ولا «فَعُلَ» بالضم لأنه لم يوجد في يائي العين إلا في «هَيُؤ»؛ وشمع «لُسْتُ» بضم اللام فيكون على هذه اللغة كـ «هَيُؤ».

  وزعم ابن السراج أنه حرف بمنزلة «ما»، وتابعه الفارسي في الحلبيات وابن شقير، وجماعة؛ والصواب الأوّل، بدليل لَسْتُ وَلَسْتُما وَلَسْتُنَّ وَلَيْسَا وَلَيْسُوا وَلَيْسَتْ وَلَسْنَ.


  خلق الله مثله) هذا مثال للماضي أي: إن مماثلته لخلق الله منفية في الماضي والقرينة المقام؛ لأن المقام للمدح أو الذم. قوله: (وقول الأعشى) أي: في مدح النبي مات ميمون الأعشى على جاهلية قوله: (له) أي: النبي #. قوله: (نافلات) أي: عطايا زائدات على الواجبات. فالنافلات: جمع نافلة وهي عطية ما لا يجب. قوله: (لا يغيب) أي: لا ينقطع يوماً ويأتي يوماً بل مستمرة كل يوم ويغب من أغب أي: أتى يوماً وانقطع والمعنى أن عطاياه عليه الصلاة والسلام لا تأتي يوماً، وتنقطع يوماً بل تأتي كل يوم وقوله: نوالها أي: عطاؤها قوله: (مانعة غداً) أي: فمنع العطاء قوله: في الغد منتف.

  قوله (لا يتصرف) أي: فلا يأتي منه اسما فاعل ولا مفعول ولا صفة مشبهة ولا مصدر قوله: (فعل بالكسر) أي: وليس موضوعاً من أول الأمر ساكن الياء؛ لأن فعلا ليس من أوزان الفعل قوله: (ثم التزم تخفيفه) أي: بإسكان الياء استثقالاً للكسرة عليها، وإنما تركوا قلب يائه ألفاً مع أنه قياس الياء إذا تحركت وانفتح ما قبلها لمخالفتها الأفعال في عدم التصرف فخالفوا بها قواعد التصريف، فإن قلت لو كان مخففاً من فعل كصيد في صيد لعادت حركة الياء عند اتصال الضمير كما في صدت قلت: أجابوا بما تقدم من أ فعل ذلك لمخالفته لأخواته في عدم التصرف. قوله: (لأنه لا يخفف) أي: لخفة الفتحة على الياء قوله: (هيؤ) من الهيئة يقال هيؤ الرجل، أي: صار صاحب هيئة أو حسنت هيئته. قوله: (فيكون على هذه اللغة) أي: فأصله ليست نقلت ضمة الياء للام ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ودل على حركة العين بحركة اللام. قوله: (زعم ابن السراج) هذا مقابل قوله: وهي فعل لا يتصرف قوله: (والصواب الأول) أعني كونها فعلاً. قوله: (بدليل الخ) أي: ولحوق تاء التأنيث والضمير علامة الفعلية وأجاب الفارسي بأن لحوقها


٤٨٦ - التخريج: البيت للأعشى في (ديوانه ص ١٨٧؛ وشرح شواهد المغني ص ٥٧٧، ٧٠٤؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٦٠؛ وللأعشى أو للنابغة الجعدي في تخليص الشواهد ص ٢٢٧).

اللغة: النافلة: العطية المتطوع بها. ما يغب: لا ينقطع أبداً.

المعنى: إن الرسول جواد على الدوام، فلا يكف عن جود في يوم، لأنه جاد بالأمس. فجوده موجود أبداً.