حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

فأحدها: أن تكون نافية

صفحة 219 - الجزء 2

  إلا أن «ما» هذه مبتدأ لا، ظرفية، والهاء من «به» راجعة إليها، ويجوز فيها الموصولية و «فآتوهنَّ» الخبر والعائد محذوف أي: لأجله، وقال [من الوافر]:

  ٥٠٢ - فَمَا تَكُ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فِينَا ... فَلا ظُلْماً نَخَافُ وَلَا افْتِقَارَا

  استدل به ابن مالك على مجيئها للزمان، وليس بقاطع؛ لاحتماله للمصدر؛ أي للمفعول المطلق، فالمعنى: أيَّ كَوْن تكون فينا طويلاً أو قصيراً.

وأما أوجه الحرفية:

  فأحدها: أن تكون نافية فإن دخلَتْ على الجملة الاسمية أعملها الحجازيون والتهامِيُّون والنجديون عَمَلَ «ليس» بشروط معروفة، نحو: {مَا هَذَا بَشَرًا}⁣[يوسف: ٣١]، {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ}⁣[المجادلة: ٢] وعن عاصم أنه رفع «أمهاتهم» على التميمية، وندر تركيبها مَعَ النكرة تشبيهاً لها بـ «لا» كقوله [من الطويل]:

  ٥٠٣ - وَمَا بِأسَ لَوْ رَدَّتْ عَلَيْنَا تَحِيَّةٌ ... قَلِيلٌ عَلَى مَنْ يَعْرِفُ الْحَقِّ عَابُهَا


  للمعنى والأصل فاللاتي استمتعتم به منهن فآتوهن وعليه فالعائد موجود لا محذوف، وقوله: منهن أي من بعضهن إذا علمت هذا تعلم أن قول المصنف والعائد محذوف أي لأجله لا يظهر إلا على ما شرطية غير زمانية، وثالثها: أن تكون شرطية زمانية وقد علمت ما فيه قوله: (إلا أن ما هذه مبتدأ لا ظرفية) أي: بخلاف المتقدمة فإنها ظرفية، والحاصل أن ما في الآيتين شرطية زمانية إلا أنها هنا غير ظرفية وفيما تقدم ظرفية. قوله: (فما تك) أي: أي زمن تكن فينا. قوله: (أي كون تكن) إنما جزم بما لأنها وإن كانت مصدرية لا تنافي إنها شرطية إلا أنها غير زمانية. قوله: (طويلاً) بدلاً من قوله أي كون. قوله: (بشروط) وهي أن يتقدم اسمها على خبرها وأن لا ينتقض النفي بالأوان لا تقترن بأن الزائدة. قوله: (ما هذا بشراً) ما نافية وهذا اسمها وبشراً خبرها وكذلك ما هن أمهاتهم من اسمها وأمهاتهم خبر منصوب بالكسرة. قوله: (على التميمية) أي: على اللغة التميمية. قوله: (تشبيها لها بلا) أي: النافية وحينئذ فيكون اسمها مبنياً على الفتح وخبرها مرفوعاً كلا النافية.

  قوله: (وما بأس) ما نافية شبيهة بلا وبأس اسمها مبني معها على الفتح في محل


٥٠٢ - التخريج: البيت بلا نسبة في (شرح شواهد المغني ٢/ ٧١٥).

المعنى: نحن لا نخش فقراً ولا ظلماً يا ابن عبد الله ما دمت فينا.

٥٠٣ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الجنى الداني ص ٣٣٠؛ والدرر ٢/ ١٠٧؛ وشرح شواهد المغني ص ٧١٥؛ وهمع الهوامع ١/ ١٢٤).

اللغة: لا بأس: لا حرج. تحية: بمعنى لك الحياة أو البقاء وإلقاء التحية بهذا المعنى.

المعنى: لا حرج عليها إن ردت علينا سلامنا، فلا عيب في ذلك.