حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والثاني: أن تكون مصدرية

صفحة 221 - الجزء 2

  نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}⁣[السجدة: ١٤]، {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ٢٦}⁣[ص: ٢٦]، {لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}⁣[القصص: ٢٥] وليست هذه بمعنى «الذي»، لأن الذي سقاه لهم الغنم، وإنما الأجر على السَّقي الذي هو فعله، لا على الغنم، فإن ذهبت تقدر أجر السقي الذي سقيته لنا فذلك تكلف لا مُحْوج إليه، ومنه {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ١٠}⁣[البقرة: ١٠] و [التوبة: ٧٧]، {آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ}⁣[البقرة: ١٣]، وكذا حيث اقترنت بكاف التشبيه بين فعلين متماثلين.

  وفي هذه الآيات رد لقول السُّهيلي: أن الفعل بعد «ما» هذه لا يكون خاصاً، فتقول: «أعجبني ما تفعل» ولا يجوز «أعْجَبَني ما تخرج».

  والزمانية، نحو: {مَا دُمْتُ حَيًّا ٣١}⁣[مريم: ٣١]: أصله مُدَّةَ دوامي حيا، فحُذِف الظرف وخلفته «ما» وصلتها، كما جاء في المصدر الصريح، نحو: «جِئْتُكَ صَلاةَ العَصْرِ»، و «آتيكَ قُدُومَ الحاج»، ومنه {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}⁣[هود: ٨٨]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن: ١٦]، وقوله [من الطويل]:


  قوله: (أجر ما سقيت لنا) أي: أجر سقيك لنا. قوله: (وليست هذه) أي: ما في قوله ما سقيت لنا. قوله (ومنه) أي من المصدرية غير الزمانية وإنما أتى بمن للفصل بين الأمثال بكلام قوله: (بما كانوا يكذبون) قبلها ولهم عذاب أليم.

  قوله: (بين فعلين متماثلين) كما في آمنوا كما آمن الناس وأضرب كما ضرب عمرو. قوله: (بعد ما هذه) أي: ما المصدرية غير الزمانية، وقوله: رد أي لأن النسيان والإيمان خاص لا عام وكذا غيره. قوله: (لا يكون خاصاً) أي: بل عاماً. قوله: (أعجبني ما تفعل) أي: الفعل قوله: (ولا يجوز أعجبني ما تخرج) أي: لأن الخروج غير عام لأنه فعل مخصوص. قوله: (والزمانية) أي والمصدرية الزمانية إنما كانت مصدرية لتأويلها بمصدر وزمانية لحلولها محل الزمان قوله: (وخلفته ما) أي: المصدرية. قوله: (جاء في المصدر الصريح) أي: فإنه تاب عن الظرف المحذوف. قوله: (جئتك صلاة العصر) أي: وقت صلاته. قوله: (وآتيك قدوم الحاج) أي وقت قدومه. قوله: (ومنه) أي: من المصدرية الزمانية وإنما فصل المصنف هذه الأمثلة عما تقدم بقوله ومنه؛ لأن ما فيها يحتمل أن تكون مصدرية غير زمانية، وإن كان احتمالاً مرجوحاً أي إلا الإصلاح استطاعتي أي قدر استطاعتي وكذا اتقوا الله ما استطعتم أي قدر استطاعتكم وأني مقيم إقامة عسيب أي مثلها لا أبرح عن مكاني اهـ دماميني قوله: (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) أي: مدة استطاعتي. قوله: (وقوله أجارتنا الخ) هو لامراء القيس احتضرته الوفاة وبجنبه قبر فسأل عنه فقيل له قبر امرأة غريبة وبعد البيت:

  أجارتنا إنا مقيمان ههنا ... وكل غريب للغريب نسيبُ